header-banner
أمومة

الأم الكافية.. المفهوم الذي يُعيد للأمهات توازنهن الداخلي

أمومة
إيمان بونقطة
9 أبريل 2025,8:00 ص

وسط زحام التوقعات ومقاطع الفيديو المصقولة عن الأمومة المثالية، تنشغل كثير من الأمهات في محاولة اللحاق بصورة لا تشبه واقعهنّ.

فهناك من تُظهر كل وجبة مطبوخة كإنجاز خارق، وأخرى تُوثق كل لحظة لعب وابتسامة، حتى يبدو وكأن التعب أو الحيرة أو الانفعال مجرد مشاعر دخيلة لا يليق عرضها.

وفي هذا المشهد البراق، تصبح الأم العادية التي تتعب، وتُخطئ، وتنسى، وتراجع نفسها كأنها لا تملك ما يستحق الثناء أو الاعتراف.

لكن ماذا لو كان الاعتراف الحقيقي هو الذي يبدأ من الداخل؟ من أمّ تقرّ بأنّها ليست مثالية، لكنها حاضرة. تُخطئ أحيانًا، وتُحسن كثيرًا، وتحب أكثر مما تُظهره الكاميرات. إنها "الأم الكافية" التي تُعيد للأمومة إنسانيتها، وللحبّ صدقه، وللمشاعر مساحتها الطبيعية بلا تصنّع.

ما المقصود بـ"الأم الكافية"؟

99c1eea4-9c11-4ccf-a3b4-9f4adb07c7cc

هذا المفهوم لا يُروّج للاستهتار، ولا يبرّر التقصير. بل يقدّم منظورًا نفسيًا عميقًا: الأم الكافية هي تلك التي تُلبّي احتياجات طفلها العاطفية والبدنية بقدر مقبول ومتوازن، دون أن ترهق نفسها في السعي نحو الكمال. لا تمنحه كل شيء، لكنها تمنحه ما يكفيه لينمو بثقة، ويشعر بالأمان، ويتعلّم أن الحياة ليست دائمًا مُتقنة، لكنها تستحق أن تُعاش.

من القبول الذاتي تبدأ الحكاية

تدرك الأم الكافية أن الإرهاق ليس ضعفًا، وأن الاعتراف بالحاجة إلى الراحة لا يتنافى مع المحبة. هي لا تخجل من قول "أنا متعبة"، ولا تتعامل مع مشاعرها بوصفها عبئًا على من حولها. هذا التصالح مع الذات يجعلها أكثر صلابة في لحظات الشك، وأكثر حنانًا حين يحتاج طفلها إلى الاحتواء، لا الحلول.

احتضان الفوضى اليومية

ليست الأم الكافية من تُخفي الفوضى، بل من تحتضنها دون خجل. تعرف أن التربية ليست مشهدًا مثاليًا، بل تفاصيل يومية قد تكون مرهقة ومُكررة. لكنها أيضًا لحظات ضحك حقيقي، وأسئلة تُدهش، وعيون صغيرة تبحث عن حضن يُشعرها بالأمان لا بالتفوق.

الوجود لا الإنجاز هو ما يُبقي الطفل آمنًا

ربما لم تتمكن الأم من إعداد وجبة صحية في ذلك اليوم، أو نسيت مناسبة مدرسية مهمة، لكنها جلست قرب طفلها حين شعر بالخوف، وسمعت شكواه دون استعجال. ذلك الحضور القلبي، لا قائمة الإنجازات، هو ما يعلّم الطفل أنه مهمّ، وأنه محبوب حتى عندما لا يكون هو أيضًا "مثاليًا".

أخبار ذات صلة

أمومة بلا مثالية.. 13 نصيحة لتقديم الأفضل لأطفالك

مقاومة التوقعات الخارجية

تُحاط الأمهات بأصوات كثيرة: أمهات أخريات، خبراء، إعلانات، كتب، وحتى وسائل التواصل. كلّها تحمل رسائل ضمنية بأن هناك دائمًا ما يمكن فعله أكثر. لكن الأم الكافية تعود إلى صوتها الداخلي: هل أنا موجودة حقًا؟ هل أقدّم الحب؟ هل أتعلم؟ وإن كانت الإجابة نعم، فهي تمضي مطمئنة، حتى لو خذلتها التفاصيل أحيانًا.

 

أن تنظر الأم في المرآة وتقولها بصوت واضح: "أنا كافية كما أنا"، ليس ضعفًا ولا محاولة للراحة، بل إعلان داخلي بأن الأمومة ليست ساحة تنافس، بل علاقة حقيقية فيها الأخطاء والمصالحة، التعب والمشاركة، الشك والثقة، وكلها صالحة لأن تُبنى عليها محبة كبيرة ومستقرة.

أخبار ذات صلة

الأمومة بعد الأربعين: تجربة نضج أم تحديات غير متوقعة؟

 

google-banner
footer-banner
foochia-logo