ماذا أفعل لو ضعت يا أمي؟ يخطر هذا السؤال في بال كل أم تقريبًا، خاصة عندما تمسك بيد صغيرها وسط الزحام أو في الأماكن العامة.
ضياع الطفل من أمه هو من أكثر المواقف رعبًا، لكن التجهيز المسبق لهذا الاحتمال قد يصنع كل الفرق بين لحظات من القلق، ومأساة لا تُنسى.
في هذا المقال، سنأخذ بيد كل أم حريصة، لنقدّم لها خطوات عملية وسهلة تساعدها على تدريب صغيرها، وتمكينه من مهارات أساسية تُعينه على تجاوز هذا الموقف بأمان. بعيدًا عن التهويل أو التخويف، بل بأسلوب واقعي ومحبّب للطفل، وبطرق تُغرس في ذاكرته وتزيد ثقته بنفسه.
تعلُّم الطفل كيف يتصرف عند الضياع ليس فقط مسألة أمان، بل هو مهارة حياتية أساسية، تنمّي فيه الوعي والاستقلالية وتقلل فرص الخطر. إليك أبرز النصائح:
بعض الأمهات يتجنبن الحديث مع أطفالهن عن احتمال الضياع، خوفًا من زرع الخوف في نفوسهم. لكن الحقيقة أن تجاهل الأمر لا يحمي الطفل، بل يحرمه من أدوات النجاة. يمكن فتح الموضوع بلطف، كأن تقولي: "لو في يوم افترقنا في المول، ماذا ستفعل؟ فنتدرّب معًا!"
من المهم أن يحفظ الطفل اسمه الكامل، واسم والدته أو والده، ورقم هاتف أحد الوالدين. إذا كان صغيرًا على الحفظ، يمكن تعليق بطاقة صغيرة داخل ملابسه تتضمن هذه المعلومات، دون أن تكون ظاهرة للغرباء.
من أبرز القواعد التي يتفق عليها خبراء التربية والأمان: "إذا ضعت، قف مكانك." معظم الأطفال حين يشعرون بالخوف يركضون باحثين عن والديهم؛ ما يزيد الأمر تعقيدًا. يجب تدريب الطفل على أن يقف في مكان واضح، وألا يتحرك حتى يأتي أحد أفراد العائلة أو أحد البالغين الموثوقين.
يجب أن يعرف الطفل أن ليس كل الكبار آمنين، ولكن هناك فئات يمكنه الوثوق بها، مثل:
ويمكنك أن تريه صورًا لهؤلاء الأشخاص أثناء زياراتكما للمول أو الحديقة.
درّبي طفلك على قول عبارات بسيطة وواضحة، مثل:
التدريب المتكرر على هذه الجمل في جلسات لعب أو تمثيل واقعي يعزز ثقته بنفسه ويخفف توتره في الموقف الحقيقي.
ليس الهدف من الحديث عن هذا الموضوع هو بث الرعب في نفس الطفل، بل منحه الشعور بالقوة. اجعلي "خطة الضياع" نشاطًا مرحًا أحيانًا، وكأنها لعبة نلعبها معًا لتعلُّم شيء جديد.
هناك اليوم العديد من الوسائل التقنية التي تساعد على حماية الأطفال، مثل: الأساور الذكية التي تتضمن GPS، أو الساعات الذكية التي تتيح الاتصال السريع بالوالدين. لكن تبقى هذه وسائل مساعدة، لا تغني عن التدريب النفسي والسلوكي.
حين يعود الطفل بعد ضياعه، مهما كانت مشاعرك، من المهم أن تكون ردة فعلك الأولى مطمئنة. عانقيه، اطمئني عليه، ثم لاحقًا يمكن الحديث عما حدث بطريقة بناءة، دون تأنيب أو صراخ.
في النهاية، لا نملك دائمًا السيطرة على كل ما قد يحدث في الخارج، لكننا نملك أن نُعدّ أبناءنا جيدًا. تعليم الطفل كيف يتصرف عند الضياع ليس دعوة للخوف، بل هو باب صغير نفتح به وعيه على العالم، ونُسلّحه بما يُعينه إذا غبنا عنه للحظة.
اطمئني، فأنتِ حين تمنحين طفلك هذه الأدوات البسيطة، تكونين قد منحتِيه جزءًا من حمايتك، حتى في غيابك. وكل خطوة تعليم، وكل تدريب صغير، هو رسالة حب تقول له: "أريدك بأمان، دائمًا".