header-banner
الرضاعة

الرضاعة الطبيعية والعمل.. هل هناك دعم كاف للأمهات؟

أمومة
إيمان بونقطة
15 أبريل 2025,8:00 ص

رغم كل ما يُقال عن أهمية الرضاعة الطبيعية وفوائدها الصحية والنفسية للأم والرضيع، فإن الأرقام على أرض الواقع تروي قصة أخرى.

كثير من النساء يبدأن الرضاعة الطبيعية بعد الولادة مباشرة، لكن مع مرور الأسابيع وعودة الأم إلى العمل، تبدأ هذه الممارسة بالتراجع شيئاً فشيئاً، لتصبح مجرد مرحلة عابرة ومؤقتة في عمر الطفل.

فهل التشريعات الحالية تدعم فعلاً حق الأم في الإرضاع؟ أم أن بيئة العمل لا تزال تفرض عليها خيارات قاسية بين مهنتها وطفلها؟

واقع الرضاعة الطبيعية: النية موجودة، لكن العقبات كثيرة

39e9b372-5bed-46aa-8989-e8b77f28056f

تشير العديد من الدراسات إلى أن معدلات الرضاعة الطبيعية الحصرية حتى سن الستة أشهر لا تزال أقل بكثير من التوصيات العالمية، ليس بسبب قلة وعي الأمهات، بل نتيجة عراقيل تبدأ منذ لحظة التفكير بالعودة إلى الوظيفة.

ضغوط الوقت، غياب أماكن مخصصة للرضاعة أو شفط الحليب، إضافة إلى النظرة المجتمعية أحياناً داخل أماكن العمل، كلها تحديات تجعل الاستمرار في الرضاعة أمراً شبه مستحيل لكثير من الأمهات العاملات.

إجازة الأمومة: هل هي كافية حقاً؟

تختلف مدة إجازة الأمومة من دولة إلى أخرى في العالم العربي، ففي بعض البلدان لا تتجاوز 45 يوماً، وفي أفضل الأحوال تصل إلى 3 أشهر فقط. وهذا لا ينسجم إطلاقاً مع توصيات منظمة الصحة العالمية التي تحث على الرضاعة الطبيعية الحصرية لمدة 6 أشهر. ومع غياب خيارات مثل العمل المرن أو إمكانية تمديد الإجازة لرعاية الطفل، تجد الأم نفسها مضطرة للفطام المبكر أو الاعتماد على الحليب الصناعي.

أخبار ذات صلة

آلام الرضاعة الطبيعية.. كيف تتعاملين معها؟

ماذا تقول القوانين؟ دعم جزئي لا يلبي الحاجة

بعض التشريعات تسمح للمرأة العاملة بـ"ساعة رضاعة" يومياً بعد العودة من إجازة الأمومة، لكن دون ضمان توفير أماكن مخصصة وآمنة للرضاعة أو حفظ الحليب.

كما أن هذه "الساعة" تكون غالباً عرضة للتفاوض أو الإهمال في بعض المؤسسات، خصوصاً في القطاع الخاص الذي لا يلتزم دائمًا بتطبيق القوانين بشكل صارم. وهنا يبرز السؤال: ما فائدة القانون إن لم يُفعَّل بشكل حقيقي وفعّال؟

يرى المحامي المتخصص في قوانين العمل محمد الزهراني، أن مشكلة التشريعات المتعلقة بالأمهات العاملات لا تكمن في النصوص وحدها، بل في غياب آليات الرقابة والتنفيذ. ويوضح:

هناك مواد قانونية تمنح المرأة حق ساعة الرضاعة، لكن التطبيق الفعلي غالبًا ما يتوقف على إرادة صاحب العمل، خاصة في المؤسسات الصغيرة أو الخاصة. نحتاج إلى لوائح تنفيذية صارمة، ومساءلة واضحة، تضمن عدم التفريط في هذا الحق الإنساني قبل أن يكون قانونيًا.

النماذج العالمية: هل هناك ما يمكن أن نتعلمه؟

دول مثل السويد وكندا توفر للأم العاملة بيئة داعمة فعلاً، من خلال إجازات أمومة طويلة، وتشريعات مرنة، وغرف مخصصة للرضاعة في أماكن العمل. وهذا ينعكس بشكل مباشر على ارتفاع نسب الرضاعة الطبيعية فيها. فهل يمكن أن تكون هذه النماذج مصدر إلهام لإعادة صياغة سياساتنا المحلية؟

 

إن تحسين معدلات الرضاعة الطبيعية ليس مسؤولية الأم وحدها، بل مسؤولية مشتركة تبدأ من صانع القرار وتمر عبر مؤسسات العمل وتنتهي بدعم المجتمع للأم العاملة. ما تحتاجه الأمهات اليوم ليس مجرد عبارات تشجيعية، بل قوانين عادلة، مطبّقة فعلياً، تُراعي خصوصية المرحلة التي تمر بها الأم، وتوفّر لها الأدوات الحقيقية للاستمرار في الرضاعة دون التضحية بمسيرتها المهنية.

أخبار ذات صلة

الرضاعة الطبيعية.. متى تكون كافية ومتى تكون زائدة؟

 

google-banner
footer-banner
foochia-logo