الكوابيس هي أحد الهموم التي يعاني منها العديد من الأطفال في مراحل عمرية مختلفة، وقد تؤثر بشكل كبير على راحتهم النفسية والنوم العميق لديهم.
في بعض الأحيان، يمكن أن تصبح هذه الأحلام المزعجة جزءًا من روتين الطفل اليومي؛ ما يسبب اضطرابًا للعائلة ككل. ولكن، لحسن الحظ، هناك خطوات بسيطة وفعّالة يمكن أن تساعد الأطفال على التغلب على هذه الكوابيس والعودة إلى نوم هادئ ومريح.
تتعدد أسباب الكوابيس عند الأطفال، حيث تختلف حسب عمر الطفل ومدى تعرضه للمؤثرات النفسية والبيئية. تشير الدراسات إلى أن الأطفال في سن السادسة إلى العاشرة هم الأكثر عرضة للكوابيس؛ وذلك لأنهم يبدأون في دمج مخاوف حقيقية مثل الخوف من التعرض للاختطاف أو العنف في أحلامهم.
كما أظهرت دراسة هولندية أن 96% من الأطفال بين السابعة والتاسعة يعانون من الكوابيس بشكل منتظم، مقارنة بـ 68% فقط من الأطفال بين الرابعة والسادسة.
الكوابيس عادة ما تحدث خلال مرحلة النوم العميق (REM)، وقد يتسبب ذلك في استيقاظ الطفل بشكل مفاجئ ومشوش.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن لأي مصدر للضغط النفسي، سواء كان في المنزل أو المدرسة، أن يزيد من خطر حدوث الكوابيس.
كما أن النوم المتقطع أو الأرق قد يجعل الطفل يقضي وقتًا أطول في مرحلة REM لتعويض النوم المفقود؛ ما يزيد من احتمالية حدوث الكوابيس.
هناك العديد من الطرق التي تساعد الأم على التعامل الصحيح مع الكوابيس لدى طفلها، من بينها:
عندما يستيقظ الطفل مفزوعًا من كابوسه، من المهم أن تتعامل معه بتفهم، حتى وإن كان الكابوس يبدو غير حقيقي بالنسبة لك. يمكن أن تقول له، "أعلم أن هذا كان مخيفًا، ولكن لا يوجد شيء سيئ في الغرفة." بذلك، تمنح الطفل شعورًا بالأمان، وتساعده في التفرقة بين الخيال والواقع. تجنب أن تقلل من مشاعره؛ لأن ما يراه في حلمه يبدو حقيقيًا جدًا بالنسبة له.
يعتبر تنظيم بيئة النوم جزءًا أساسيًا من حل مشكلة الكوابيس. الأطفال الذين ينامون في أوقات متأخرة يكونون أكثر عرضة للكوابيس. من المهم أن يحصل الأطفال في سن المدرسة على 10 إلى 11 ساعة من النوم كل ليلة. كما يفضل تقليل استخدام الأجهزة الإلكترونية قبل النوم بمدة نصف ساعة، حيث تؤثر الأجهزة على إفراز هرمون الميلاتونين؛ ما يؤثر على النوم.
تساعد تقنيات الاسترخاء في تهدئة جسم وعقل الطفل؛ ما يسهل عليه النوم بشكل أعمق. من الطرق المفيدة التي يمكن للطفل تعلمها هي تقنية "التنفس الدائري"، حيث يتنفس الطفل عبر فتحة الأنف اليمنى، ثم يخرج الزفير من الفتحة اليسرى، والعكس. هذه الطريقة يمكن أن تساعد الطفل على الاسترخاء قبل النوم، وتمنحه شعورًا بالطمأنينة.
في بعض الحالات، يطلب الطفل من والديه إخفاء الأشياء التي تخيفه مثل الدمى أو الألعاب. إلا أن هذه التصرفات قد تؤدي إلى تعزيز الخوف. بدلًا من ذلك، يمكن للوالدين مساعدة الطفل على مواجهة ما يخيفه تدريجيًا.
على سبيل المثال، إذا كانت الدمية تخيفه، يمكن أن تشجعه على التعامل مع هذه الدمية بطرق مرحة وآمنة، مثل صنع حفلة شاي مع الدمية.
أحيانًا تصبح الكوابيس مجرد عادة ذهنية لدى الطفل. لمساعدته على التخلص من هذه العادة، يمكن تشجيعه على تخيل نهاية سعيدة أو مضحكة لحلمه السيئ. على سبيل المثال، يمكن للطفل أن يتخيل أن الدمية المخيفة تتحول إلى شوكولاتة، أو أن الوحش يختفي فجأة. مثل هذه الأفكار يمكن أن تساعد الطفل على التخلص من الخوف.
إذا استمرت الكوابيس لفترة طويلة، ولم تجلب الأساليب السابقة أي تحسن، فقد يكون من المفيد استشارة مختص في العلاج السلوكي المعرفي. يمكن لهذا النوع من العلاج أن يساعد الطفل على تعلم تقنيات موجهة لتغيير تفكيره والسلوكيات المرتبطة بالكوابيس. الدراسات تشير إلى أن العلاج المعرفي يمكن أن يكون له تأثير إيجابي كبير، ويساعد الطفل على التكيف مع مخاوفه بشكل أفضل.
ختامًا، تعتبر الكوابيس جزءًا طبيعيًا من مرحلة النمو عند الأطفال، ولكنها قد تؤثر بشكل كبير على نوعية حياتهم إذا استمرت لفترات طويلة. باستخدام بعض الإستراتيجيات السابقة، يمكن للوالدين أن يساعدوا أطفالهم على التخلص من هذه الكوابيس والتمتع بنوم هادئ ومريح.