تتعرض الأمهات الجدد للكثير من التحديات والآلام التي تلاحقها حتى بعد الوضع، فبعد آلام الحمل وانتظارها ليوم الولادة بفارغ الصبر، تظهر أمور أخرى على الأم الجديدة التعامل معها، منها آلام الرضاعة.
وربما يعتقد البعض أن الأمر مبالغ فيه لأن الرضاعة هي في حقيقة الأمر عملية محببة للأم لما تبنيه من شعور اتصال عميق مع طفلها، وتمنحها لحظات من السكينة بعيدًا عن ملاحقات الحياة اليومية ومتطلباتها.
وكل ما قيل صحيح، ولكن بعد آلام تعانيها الأم في المرحلة الأولى من عملية الإرضاع، كما تستمر هذه الآلام في حالات أخرى.
في هذا المقال سوف نتحدث عن أسباب هذه الآلام وكيفية التخلص منها، ونصائح للمحيطين بالأم حول تقديم الدعم النفسي اللازم لها.
تُعد الرضاعة الطبيعية من أبسط وأجمل الطرق التي يمكن من خلالها تزويد الطفل بالتغذية التي يحتاجها، ولكنها في بعض الأحيان قد تترافق مع بعض الآلام أو الانزعاجات التي تجعل الأم تشعر بالحيرة. إذا كنتِ تشعرين بألم أو ضيق أثناء الرضاعة، لا تقلقي؛ فهناك العديد من الأسباب التي قد تكون وراء ذلك، ويمكنك التعامل معها بطرق بسيطة وفعّالة.
نعم، قد تشعرين بتقلصات قوية في الرحم خلال الأيام الأولى بعد الولادة، خاصة عندما يبدأ الحليب بالتدفق. هذا الشعور يحث الرحم على التقلص ليعود إلى حجمه الطبيعي بعد الحمل. على الرغم من أن هذه التقلصات قد تكون مزعجة، إلا أنها جزء من عملية الشفاء الطبيعي لجسمك بعد الولادة.
أثناء الأيام الأولى بعد الولادة، من الطبيعي أن تشعري بثقل وألم في ثدييك نتيجة زيادة كمية الحليب. لكن إذا تمت الرضاعة بشكل منتظم كل ساعتين إلى ثلاث ساعات، يجب أن تقل حدة هذا الانتفاخ. قد يؤدي تأخير الرضاعة أو ضخ الحليب إلى مشاكل مثل انسداد القنوات اللبنية أو التهاب الثدي، مما يزيد من الشعور بالألم. لذا، من الأفضل أن تحاولي تنظيم الرضاعة بشكل جيد لتجنب هذه المضاعفات.
قد تشعر بعض الأمهات بألم بسيط في البداية عندما يلتصق الطفل بثديها، وهذا يمكن أن يحدث في الدقائق الأولى من الرضاعة. ولكن يجب أن يخف هذا الشعور تدريجيًا مع مرور الوقت. إذا استمر الألم أو زاد، فقد يكون السبب هو وضع الطفل بشكل غير صحيح على الثدي، ما يتسبب في الضغط غير المناسب على الحلمة. في هذه الحالة، يمكنك إعادة وضع الطفل أو استشارة مستشار الرضاعة لتصحيح الوضع.
هناك العديد من الأسباب الأخرى التي تجعل الأم تعاني مع ألم الرضاعة، إليك بعضها:
قد يحدث انسداد في إحدى القنوات اللبنية، ما يؤدي إلى شعورك بألم أو تكوّن كتلة تحت الجلد في المنطقة المصابة. يمكنك معالجة ذلك من خلال تدليك المنطقة بلطف أثناء الرضاعة أو استخدام الكمادات الدافئة.
إذا لاحظت وجود مناطق حمراء أو مؤلمة في الثدي مصحوبة بحمى أو قشعريرة، فقد تكونين مصابة بالتهاب الثدي. يجب استشارة الطبيب فورًا، ولكن من الأفضل مواصلة الرضاعة أو ضخ الحليب حتى أثناء العلاج.
في بعض الحالات، قد يصاب الطفل بعدوى فطرية في فمه، ما يؤدي إلى آلام في الثديين، خاصة إذا كنتِ تشعرين بحرقان أو ألم عميق أثناء الرضاعة. في هذه الحالة، يجب عليكِ استشارة الطبيب على الفور.
إذا كانت حلماتك مقلوبة أو مسطحة، قد تواجهين صعوبة في الرضاعة أو قد تشعرين بالألم. يمكن للطبيب أو مستشار الرضاعة أن يقدم لكِ النصائح حول كيفية التعامل مع هذه المشكلة.
لحسن الحظ، هناك طرق عديدة تساعدك على تخفيف الألم، لتتمكني من الاستمرار بعملية إرضاع طفلك بشجاعة وبحب أيضًا.
احرصي على وضع الطفل بشكل صحيح على الثدي لتقليل الألم. إذا استمر الألم، يمكنك ضخ الحليب بدلاً من الرضاعة مباشرة.
يمكنك استخدام واقي الحلمات إذا كنت تعانين من جروح أو تشققات.
استخدمي الكمادات الدافئة قبل الرضاعة لتخفيف الألم. وبعد الرضاعة، يمكنك وضع كمادات باردة لتقليل التورم.
حافظي على راحة جسمك، واحرصي على شرب الكثير من السوائل.
تمر الأم المرضعة بالكثير من التحديات، فبالإضافة إلى مرحلة التشافي من الحمل والولادة وإرهاق جسمها الشديد، تتعامل مع عملية جديدة متعبة بشكل كبير، وكل ماتحتاجه الأم هو بعض الدعم النفسي والمعنوي ممن حولها، فالأم المرضعة بطبيعتها شديدة الحساسية، فاحترام هذه المتاعب التي تمر بها والتعامل معها بطريقة رحيمة وداعمة يجعلها تتخطى هذه المرحلة بثبات أكبر، وعلى المحيطين بها تجنب إكثار الانتقادات والنصائح غير المطلوبة بشأن ماهو صحيح وماهو خاطئ بعملية الرضاعة، بينما قليل من المساعدة والدعم يكفي لخلق بيئة آمنة لتغذية الطفل الجديد في جو مليء بالحب والتناغم.
وفي النهاية، على الأم ألا تتردد في استشارة الطبيب إذا شعرت بأي شعور سلبي، سواءً أكان جسديًا أم نفسيًا، وأن تعترف بأنها تقوم بمجهود كبير عليها أن تقدره جيدًا وتمنح نفسها الراحة وفترة التعافي المطلوبة.