طفل التوحد

دليلك للتعامل مع طفل التوحد يوما بيوم مع فاتن مرعشلي

أمومة
إيمان بونقطة
10 يناير 2025,10:25 ص

الحياة مع طفل مُشخص بالتوحد مليئة بالألم والحب للأم التي تهتم به وتعيش معه مجريات يومه وتفاصيل حياته.

فرغم قلبه المليء بالحب وضحكاته التي تخطف القلوب في لحظة من شدة تميزه وجاذبيته، إلا أن هناك حالات أخرى تخبئها الأم بغصة في قلبها، وتجعلها في حيرة من أمرها.

فعقل طفل من ذوي التوحد مليء بالخيالات التي تكون جامحة أحيانًا، أو من عالم آخر، وخطرة عليه وعلى إخوته في أوقات معينة. وعلى الأم معرفة جميع هذه التفاصيل وتوقع كل ما يمكن أن يحدث لتتصرف معه بطريقة أفضل.

في هذا الموضوع، ومن أجل مساعدة كل أم لطفل توحد، جمعنا أهم المعلومات التي تحتاجها الأم لتتعامل مع طفلها يومًا بيوم بشكل أكثر سلاسة وتقبلا، بالاستعانة بالأخصائية فاتن مرعشلي والدة محمود المُشخص بالتوحد، والتي أصبحت قدوة وأملًا ومصدر قوة وإلهام لكثير من الأمهات في الوطن العربي.

أولا: معلومات عامة عن طفل التوحد

1fc2d3ac-96c3-49ce-955a-b63c8a3602ec

من المعروف عن طفل التوحد أنه منضبط جدًا في روتينه اليومي، كما أنه قد يتعلق بشيء معين مثل قطعة من الملابس أو لعبة أو بطانية، ولا يقبل أبدًا التنازل عنها وتغييرها، ويُعرف أيضًا بذكائه الحاد في زوايا معينة من الحياة، وذو اهتمامات موحدة ومباشرة، بالإضافة إلى عالمه المنعزل الخاص الذي يصعب عليه فيه إدخال جميع الأشخاص.

أخبار ذات صلة

كل ما تودين معرفته عن التوحد.. الأعراض الأسباب وطرق التعامل

أسئلة تخطر ببال كل أم لطفل التوحد

التعامل اليومي مع طفل التوحد قد يكون أصعب مما يتخيله الشخص العادي، فالأم معرضة دومًا للأحكام؛ بسبب تصرفات طفلها غير المفهومة لدى الآخرين، كما أنها مضغوطة ببرامج وتوجيهات مجتمع يضع قالبًا موحدًا للأطفال الجيدين. من أجل هذا حاور "موقع فوشيا" الاختصاصية فاتن مرعشلي لتشارك الأمهات إجابات على أكثر الأسئلة شيوعًا للتعامل الصحيح مع طفل التوحد:

هل يؤثر تغيير المكان على الروتين اليومي لطفل التوحد؟ وكيف يمكن التعامل مع هذا التأثير؟

طفل التوحد متعلق كثيرًا بروتينه اليومي، لذلك ينزعج جدًا إذا تم تغييره بشكل فجائي، وقد يصاب بنوبة من الغضب والمقاومة، لذلك تنصح فاتن بأن نقدم للطفل برنامج اليوم كاملًا قبل بدء اليوم، حتى يكون مستعدًا لجميع النشاطات المقررة، كما يمكن إخبار الطفل بالمخطط المسبق إذا كان هناك خطة لرحلة أو خروج إلى مكان ما أو استقبال ضيوف معينين. على الأم دائمًا الحرص على تجهيز طفلها لأي مفاجأة محتملة وإعداده لها.

وبحسب حالة الطفل يمكن كتابة البرنامج، أو إخباره إياه بشكل شفهي، وإخباره بالمستجدات والتعديلات دومًا.

ما أفضل الطرق للتعامل مع نوبات الغضب أو الانهيار لدى الأطفال المصابين بالتوحد؟

يمكن التعامل مع نوبات الغضب حسب الحالة فقط، فيجب التعامل معه على أساس طيفه ودرجة التوحد لديه وحالته الخاصة التي يحللها الاختصاصي الخاص به. وكل طفل له خطته المعيّنة حسب الحالة وما يحب أو يكره، فاتباع خطة الأخصائي للتعامل معه، هو أمر ضروري؛ لأن بعض الأطفال يصلون لمرحلة إيذاء النفس أو الآخرين، فهناك إجراء معين يقدمه الأخصائي حسب حالة الطفل. 

حتى نوبات الغضب العادية تعتمد على خطته الخاصة به، ولا يوجد خطط عامة يمكننا توزيعها على جميع أطفال التوحد، لكنا فعلنا ذلك. فلكل طفل توحد حالته الخاصة والفريدة.

كيف يمكن تنظيم وقت الطفل المصاب بالتوحد ومساعدته على أداء المهام المهمة خاصة إذا كانت واجبات مدرسية أو خلافه؟

تنظيم وقت طفل التوحد مهم جدًا بالنسبة له، كما أنه يساعد الأم على إدخال النشاطات التي ترغب فيها بالتدريج مع الطفل، لذلك من المهم أن تعتمد أداة الكتابة وتقديم برنامج يومي واضح للطفل، بعد أن تتواصل الأم معه حسب مستواه وإدراكه ووضع خطة مكتوبة ومناسبة له بحيث يفهمها ويرسم لها خريطة ذهنية واضحة في عقله.

a437946b-7db3-40ff-ae0b-cc93a4c5cab9

ما هي الإستراتيجيات المناسبة لطلب شيء من الطفل المصاب بالتوحد وتشجيعه على تنفيذه؟

كل شخص هو حالة فريدة في اضطراب طيف التوحد، لا يوجد علاج يصلح للجميع، لذلك لا يوجد إستراتيجية يمكن تطبيقها على الجميع، فيجب على الأم أن تكون منتبهة لما يحبه طفلها، وتتبع خطط الأخصائي حتى تتمكن من معرفة الأسلوب الأفضل لتشجيع الطفل على تنفيذ أي طلب.

بعض أطفال التوحد يتعلقون بنوعية معينة من الملابس، مثل نفس البنطال أو نفس اللون، كيف نتعامل مع هذه الحالة؟

يمكننا التعامل مع الموضوع بالتدريج، يسمى هذا علميًا باسم desensitization، حيث يمكننا أن نخفف من حساسية الملبس بالتدرج وشيئًا فشيئًا؛ لأن بعض الأطفال يرتاحون في قطعة واحدة فقط، وأنا لا أراها مشكلة، ويمكن للأهل تقبلها، لكن الحل هو التدرج أيضا بكل الأحوال.

كيف يمكن للأم تحقيق التوازن بين تلبية احتياجات الطفل المصاب بالتوحد ودعم إخوته؟

من المستحيل لأم الطفل المشخص بالتوحد أن تحقق التوازن بين جميع أطفالها؛ لأن طفل التوحد يحتاج اهتمامًا أكثر من غيره بطبيعته؛ لأنه يختلف عن الطفل المستقل، والأم التي تحقق التوازن هي ببساطة "سوبر هيرو"؛ لأن الأمر شبه مستحيل. وعليها تقبل ذلك!

كيف يمكن التعامل مع مشاعر الإخوة غير المصابين بالتوحد، ومساعدتهم على فهم حالة أخيهم أو أختهم؟

يجب شرح وضع الطفل لإخوته، وتوضيح أعراضه ومستوى إدراكه وطريقة تعامله مع الحياة، كما يجب الاستعانة بمختص نفسي من أجلهم، فلا يكون العبء بالكامل على الأولياء، الأم تحتاج إلى مساعدة حقيقية للتعامل مع إخوة الطفل، وهذا لا يعني بالطبع إهمال الوالدين لدورهم المهم، كما يجب على الأخصائيين المواكبة للتعامل الصحيح.

ما دور الأم في تهدئة مشاعر الإخوة، وضمان شعورهم بالحب والرعاية وسط انشغالها مع طفل التوحد؟

يتلخص دور الأم هنا في شرح حالة طفل التوحد لإخوته، وشرح احتياجاته الخاصة، بالإضافة إلى تخصيص وقت نوعي للأطفال الآخرين، حتى لو لم يوجد توازن؛ لأنه شبه مستحيل كما قلنا سابقًا، فالحل هو محاولة تفهم مشاعر الأطفال الآخرين واحتوائهم أيضًا.

25bf8499-f29e-4199-a3ff-23ab9afeb87a

نصائح أخرى إضافية من The National Autistic Society

نستعرض أبرز النصائح والإرشادات المستوحاة من موقع The National Autistic Society لمساعدة الآباء في دعم أطفالهم المصابين بالتوحد.

طريقة التواصل مع طفلك

التواصل مع الطفل المصاب بالتوحد قد يكون تحديًا، ولكنه ركيزة أساسية لفهم احتياجاته. يُنصح باستخدام طرق بسيطة وواضحة عند التحدث مع طفلك:

  • استخدام الاسم: تأكد من مناداة الطفل باسمه لجذب انتباهه.
  • التحدث بوضوح: استخدم كلمات وجمل بسيطة، وتحدث ببطء لدعمه في استيعاب ما تقوله.
  • الإيماءات والصور: استخدام إشارات بصرية أو صور داعمة يمكن أن يُسهل فهم الطفل.
  • إتاحة الوقت: امنح طفلك الوقت الكافي للاستجابة.

يمكنك أيضًا طلب المساعدة من مختص في علاج النطق واللغة لتطوير مهارات طفلك، واستكشاف أدوات مثل نظام PECS أو استخدام أساليب مثل Makaton.

التعامل مع القلق

يعاني العديد من الأطفال المصابين بالتوحد من القلق نتيجة صعوبة تفسير ما يدور حولهم. لتخفيف هذا القلق:

  • أفهم مصدر القلق: قد يكون التغيير في الروتين، أو صعوبة التعبير عن المشاعر، أو الأماكن المزدحمة عوامل تؤدي إلى التوتر.
  • التهيئة المسبقة للتغيرات: قم بإعداد طفلك لأي تغييرات قد تطرأ في حياته اليومية، مثل تبديل الصفوف في المدرسة.
  • اللجوء إلى أماكن هادئة: إذا كان طفلك يتأثر بالأماكن الصاخبة، حاول نقله إلى مكان أكثر هدوءًا.

إذا استمر القلق لفترة طويلة، استشر طبيبك بشأن خيارات مثل العلاج السلوكي المعرفي (CBT) أو جلسات مع مستشارين متخصصين في التوحد.

تحسين سلوكيات الطفل

بعض السلوكيات المرتبطة بالتوحد، مثل التكرار الحركي (stimming) أو فقدان السيطرة (meltdowns)، قد تكون وسيلة للتعبير عن مشاعر الطفل. لتقديم الدعم:

  • لاحظ الأنماط: سجل متى ولماذا تظهر هذه السلوكيات لفهم أسبابها.
  • توفير بدائل إيجابية: ساعد طفلك على التعبير بطرق مختلفة.

التعامل مع صعوبات الأكل

قد يعاني الطفل المصاب بالتوحد من انتقائية الطعام، مثل تفضيل أطعمة معينة أو رفض أخرى. لحل هذه المشكلة:

  • احتفظ بمذكرات يومية لتسجيل أنواع الأطعمة التي يفضلها الطفل.
  • استشر طبيبًا إذا لاحظت مشاكل صحية مرتبطة بالطعام.
  • أضف المكملات الغذائية لروتين غذائه.
cd676c20-da3f-4910-854f-ef5146461e3c

تعزيز النوم الصحي

مشاكل النوم شائعة بين الأطفال المصابين بالتوحد، وقد تكون نتيجة القلق أو الحساسية للضوء. لتحسين جودة النوم:

  • التزم بروتين نوم ثابت.
  • قلل الإضاءة والإزعاج في غرفة النوم.
  • تحدث إلى طبيبك إذا استمرت المشكلة، فقد تكون هناك حاجة إلى استشارة مختص.

دعم العلاقات الاجتماعية

قد يواجه الأطفال المصابون بالتوحد صعوبة في تكوين صداقات. يمكنك مساعدتهم من خلال:

  • البحث عن مجموعات اجتماعية صديقة للتوحد في منطقتك.
  • استشارة مدرّسي الطفل لتقديم دعم اجتماعي داخل المدرسة.
  • التركيز على التقدم التدريجي بدلاً من فرض ضغوط اجتماعية غير مريحة.

 

وفي الختام، على الأم أن تقدر حجم الخصوصية التي تتطلبها رعاية طفل مشخص بالتوحد، والتوقف عن مقارنته بالأطفال المستقلين، فعالمه لا يشبه عالمهم إطلاقًا، وهو يتطلب تفهمًا ومرونة في التعامل مع احتياجاته. بتوفير بيئة هادئة ومحفزة، يمكن لطفلك أن ينمو ويتأقلم مع العالم من حوله بطريقة إيجابية ومستقرة.

أخبار ذات صلة

باحثون ينجحون في حل شيفرة "التوحد"

 

google-banner
foochia-logo