المقارنة بين الأم العاملة والتي تمكث في البيت مع أطفالها هو حديث المجالس في كل وقت وحين، حيث يتدخل كل من يعنيه الأمر أو لايعنيه ليُدلي برأيه عمّا على الأم فعله تجاه أطفالها.
فبين الأمهات الماكثات في البيت اللاتي يقدّرن تضحياتهن الكبيرة بمستقبلهن من أجل إشباع أطفالهن بالعاطفة والاهتمام، والأمهات العاملات اللاتي يسعين لتحقيق حياة أفضل، وتقديم قدوة حياة أقوى لأطفالهن، تضيع القيمة الحقيقية التي تقدمها الأم سواء أكانت عاملة أو ربة منزل.
في هذا الموضوع نسلّط الضوء على هذه المقارنات من أجل أن نتعلم أن الأمومة ليست تشكيلاً موحداً، ولا تحكمها قوانين ثابتة، بل هي رحلة إنسانية تختلف بين عائلة وأخرى، كما تختلف بصمات الإنسان من شخص لآخر.
وسواء اخترتي أن تكوني أُماً عاملة أو ربة منزل، فالأهم أن تكوني مقتنعة بخيارك غير منقادة له بسبب ضغوط اجتماعية أو فلسفات جماعية تحاول أن تخترق عقلك.
لطالما كان دور الأم في الأسرة محورياً، سواء كانت تعمل خارج المنزل أو تكرّس وقتها بالكامل لرعاية أبنائها. ومع ذلك، غالباً ما تُطرح المقارنات بين الأم العاملة والأم ربة المنزل، في محاولة لمعرفة أيهما تقوم بالدور "الأفضل" في تربية الأطفال والحفاظ على توازن الأسرة.
لكن هل هذه مقارنة عادلة حقاً؟ أم أن لكل دور قيمته وتحدياته التي لا يمكن قياسها بمعايير موحدة؟ إليك أبرز الحقائق التي توضح المزايا والتحديات لكل من الخيارين:
الأم العاملة ليست فقط جزءاً من القوة العاملة، بل هي امرأة تحمل مسؤوليات مزدوجة بين تحقيق ذاتها مهنياً والاعتناء بأسرتها. بالنسبة لها، العمل ليس مجرد وسيلة لكسب المال، بل قد يكون تحقيقاً لطموحاتها، أو وسيلة للمساهمة في بناء مستقبل أكثر استقراراً لأبنائها.
على الجانب الآخر، هناك الأمهات اللواتي يقررن تكريس وقتهن بالكامل لرعاية الأسرة، معتبرات أن تربية الأطفال مسؤولية تتطلب حضوراً كاملاً، وإدارة شؤون المنزل عمل بحد ذاته لا يقل أهمية عن أي وظيفة خارجية.
عدم التقدير المجتمعي الكافي: رغم أن دورها أساس في استقرار الأسرة، إلا أن بعض المجتمعات لا تعترف بقيمة العمل غير المدفوع الذي تقوم به الأم ربة المنزل.
الحقيقة أن محاولة المقارنة بين الأم العاملة والأم ربة المنزل تضع الأمهات في مواجهة غير ضرورية، وكأن هناك خيارًا أفضل من الآخر، في حين أن لكل منهما ظروفه الخاصة واحتياجاته المختلفة. ما يهم في النهاية ليس "أين تعمل الأم"، بل كيف تربي أبناءها، وتحقق التوازن في حياتها، وسواء كانت الأم تعمل خارج المنزل أو تتفرغ لرعاية أسرتها، هناك بعض المبادئ التي تساعدها على الشعور بالرضا والنجاح في دورها:
سواء اختارت العمل أو البقاء في المنزل، يجب أن تدرك أنها تقدم مساهمة مهمة في حياة أطفالها ومستقبلهم.
لا بأس في طلب المساعدة من الزوج أو العائلة أو حتى الاستعانة بمصادر خارجية لتخفيف الضغط اليومي.
مهما كانت المسؤوليات كبيرة، يجب أن تمنح الأم وقتًا لنفسها لممارسة هواياتها أو الاسترخاء.
لا تدع أي مقارنات خارجية تؤثر على إحساسها بالقيمة، فكل أم تبذل قصارى جهدها وفقاً لظروفها وإمكاناتها.
الأمومة ليست سباقاً بين من تعمل ومن تبقى في المنزل، بل هي رحلة مليئة بالتحديات والعطاء المستمر، ولكل أم طريقتها الخاصة في إدارة هذه الرحلة. المهم هو أن تشعر الأم بالسعادة والرضا عن دورها، وألا تدع معايير المجتمع تحدد قيمتها. فلا توجد "أم مثالية"، ولكن هناك أُماً تحب، تعطي، وتؤثر في حياة أبنائها بأفضل طريقة تستطيعها.