الأم هي الركيزة الأولى في حياة أي إنسان، فهي التي تزرع الثقة في قلب طفلها، وتشجعه على الحلم، وتمنحه القوة ليواجه التحديات.
كثير من العظماء والمبدعين لم يصلوا إلى ما هم عليه اليوم لولا أم احتضنت أفكارهم، وآمنت بقدراتهم، ودفعتهم للاستمرار رغم العقبات.
بكلمات بسيطة، لكنها صادقة، وبحب لا يعرف الحدود، تستطيع الأم أن تصنع فارقًا في حياة طفلها، وتضعه على طريق النجاح.
في هذا الموضوع، نستعرض قصص أمهات كان لهن دور كبير في تشكيل شخصيات أبنائهن العظماء، لتكون مصدر إلهام لكل أم تدرك أن دعمها ومحبتها قد يصنعان مستقبلًا مشرقًا.
ماي ماسك، المرأة الاستثنائية التي كانت عارضة الأزياء المرموقة وخبيرة التغذية، والأم التي وقفت خلف نجاح إيلون ماسك وشقيقيه كيمبال وتوسكا. على مدار أكثر من 50 عامًا، تألقت على أغلفة المجلات العالمية مثل "تايم"، لكن خلف هذا البريق، كانت هناك رحلة كفاح طويلة لأم عزباء بدأت مسؤوليتها الكبرى في سن 31، عندما كان ابنها الأكبر، إيلون، في العاشرة من عمره.
لم يكن عالم الأزياء مجرد شغف بالنسبة لها، بل كان وسيلتها للبقاء وإعالة أطفالها. تقول ماي: "كنت أفعل ذلك من أجل أن نعيش". وفي سبيل ذلك، لم تكتفِ بعمل واحد، بل كانت تتنقل بين خمس وظائف، فعملت باحثة في جامعة تورنتو، وأستاذة للتغذية، ومدربة في وكالة عرض أزياء، كل ذلك فقط لتؤمّن لأبنائها سقفًا يحميهم وطعامًا يكفيهم.
وعندما بدأ إيلون وشقيقه كيمبال أولى خطواتهما في عالم الأعمال، لم تتردد ماي في دعم حلمهما، فاستثمرت 10,000 دولار في شركتهما الناشئة "Zip2"، ولم يكن دعمها ماليًا فقط، بل كانت تسهم في أدق التفاصيل، من تجهيز المستندات إلى شراء الاحتياجات اليومية.
بعد أربع سنوات، أثمر كفاحها، فقد تم بيع "Zip2" بمبلغ 307 ملايين دولار، ليستخدم إيلون جزءًا من المال في تأسيس "X.com"، التي أصبحت فيما بعد "باي بال".
باراك أوباما، الرئيس الرابع والأربعون للولايات المتحدة، لم يخفِ يومًا الامتنان العميق لوالدته آن دونهام، التي كانت القوة الخفية وراء شخصيته الاستثنائية. كتب عنها في مذكراته أحلام من أبي قائلاً: "كل ما هو أفضل فيَّ، أدين به لها". ورغم أن اسمها قد يكون مجرد هامش في قصته، فإن تأثيرها كان جوهريًا. كانت امرأة تجوب العالم، تعمل في القرى البعيدة، تساعد النساء على شراء ماكينة خياطة أو بقرة حليب أو حتى تأمين تعليم يمنحهن فرصة لحياة أفضل.
وصفها أوباما بأنها كانت "غير تقليدية في كثير من الجوانب"، امرأة متعطشة للمغامرة، لا تؤمن بالقيود، لكنها كانت تحب أطفالها بلا حدود. أنجبت باراك وهي في الثامنة عشر، وهذا الفارق العمري خلق بينهما علاقة فريدة من نوعها، قائمة على الحب والدعم المستمر.
كانت آن شديدة الحرص على مستقبل ابنها، لدرجة أنها كانت توقظه عند الفجر لتعطيه دروسًا خاصة قبل أن يذهب إلى المدرسة. لاحقًا، اعترف أوباما بأن والدته لم تمنحه فقط تعليمًا جيدًا، بل زرعت فيه الثقة بالنفس التي رافقته طوال حياته.
وعندما استعاد ذكريات طفولته وتأثيرها في مسيرته، قال: "رغم كل ما مررنا به، لم يكن هناك لحظة واحدة لم أشعر فيها بأنني مميز، بأنني هدية استثنائية لهذا العالم".
توماس إديسون، المخترع ورجل الأعمال الأمريكي، يُعد أحد أعظم العقول التي أنجبتها الولايات المتحدة. لم يكن مجرد مخترع، بل كان من أوائل من طبقوا مبادئ الإنتاج الضخم والعمل الجماعي في الابتكار، مما أسهم في ولادة العصر الصناعي الحديث.
لكن خلف هذه الإنجازات، هناك قصة غير معروفة عن طفولته. عانى إديسون مشكلات صحية في صغره، ووصفه أحد معلميه بأنه "بطيء الفهم". لكن والدته، نانسي إديسون، لم تقبل بهذا الحكم الجائر، فسحبته من المدرسة، وتولت تعليمه بنفسها في المنزل.
بعد سنوات، قال إديسون: "أمي هي من صنعتني. كانت تؤمن بي بلا شك، وكان يقينها بي هو دافعي لأصبح شخصًا لا يخيب ظنها". وكتب في مذكراته: "كان توماس ألفا إديسون طفلًا اعتُبر بليدًا، لكن بفضل أم بطلة، أصبح عبقري القرن."