في حياتنا، قد نجد أنفسنا مرتبطين بعلاقات ندرك في أعماقنا أنها ليست مناسبة لنا، سواء كانت علاقة عاطفية، أم صداقة مرهقة، أم حتى شراكة عمل غير متكافئة.
ورغم كل الإشارات التي تدل على أن هذه العلاقة لا تحقق لنا السعادة أو النمو، إلا أننا نجد صعوبة في إنهائها.
فما الذي يدفعنا إلى التمسك بأشخاص لا يتوافقون معنا؟ وما الذي يجعل بعض العلاقات تتحول إلى عبء عاطفي بدلًا من أن تكون مصدر راحة ودعم؟
من بين الأسباب التي تجعلنا نستمر في علاقات غير مناسبة:
يعد الخوف من البقاء وحيدًا من أقوى الأسباب التي تجعلنا نتشبث بعلاقات غير مناسبة. إذ يفضل بعض الأشخاص البقاء في علاقة غير مرضية على مواجهة شعور العزلة، خاصة إذا كانوا يعتقدون أن العثور على بديل سيكون صعبًا أو مستحيلًا.
في بعض الأحيان، لا نتمسك بالأشخاص بقدر ما نتمسك بالذكريات الجميلة التي جمعتنا بهم. قد نكون على يقين بأن العلاقة لم تعد كما كانت، لكن الحنين إلى لحظات السعادة السابقة يجعلنا نتجاهل الواقع ونتمسك بأمل أن تعود الأمور إلى سابق عهدها.
كلما استثمرنا أكثر في علاقة معينة، سواء من خلال المشاعر، أم الوقت، أم حتى التضحيات، أصبح من الصعب علينا الانسحاب منها. نشعر أن الانفصال يعني خسارة كل ما بذلناه، فنظل نحاول إنقاذ العلاقة حتى عندما يكون واضحًا أنها غير قابلة للإصلاح.
يحب الإنسان الشعور بالأمان والاستقرار، حتى لو كان في علاقة غير مريحة. فكرة البدء من جديد أو مواجهة مستقبل غير معروف قد تكون مرعبة، وذلك يجعلنا نفضل البقاء في المألوف رغم إدراكنا أنه لا يناسبنا.
قد يكون أحد أسباب التمسك بعلاقة غير مناسبة هو الشعور بالذنب تجاه الطرف الآخر، خاصة إذا كنا نعلم أن الانفصال سيؤذيه. بعض الأشخاص يشعرون بأنهم مسؤولون عن سعادة شركائهم، ما يجعلهم يضحون برفاهيتهم الشخصية حتى لا يكونوا سببًا في إيلام الآخر.
أحيانًا نتمسك بعلاقات غير صحية لأننا نعتقد أن الشخص الآخر سيتغير، أو أن الظروف ستتحسن بمرور الوقت. لكن الحقيقة أن التغيير لا يحدث إلا إذا كان الطرف الآخر راغبًا فيه بالفعل، وليس مجرد وعود ننتظر تحققها بلا جدوى.
المجتمع والأسرة قد يلعبان دورًا في إبقائنا داخل علاقة لا تناسبنا، سواء كان ذلك بسبب الضغوط الاجتماعية أم الخوف من نظرة الآخرين. بعض الأشخاص يبقون في علاقات غير مرضية فقط لأنهم لا يريدون مواجهة حكم المجتمع عليهم.
التمسك بعلاقات غير مناسبة قد يكون نابعًا من مشاعر طبيعية مثل الخوف والحنين، لكنه في النهاية قد يكلفنا سعادتنا وراحتنا النفسية. من المهم أن نكون صادقين مع أنفسنا، ونسأل: هل هذه العلاقة تضيف إلى حياتنا أم تستنزفنا؟ اتخاذ قرار بالمغادرة ليس ضعفًا، بل هو خطوة ضرورية نحو حياة أكثر صحة وسعادة.