إن الزواج بشخص نرجسي، ليس زواجًا عاديًا قد ينتهي بالانفصال في حال عدم الاتفاق أو استحالة الحياة المشتركة، بل هو علاقة شبيهة بالورطة الحقيقية، أو السجن المؤبد الذي يصعب الخروج منه بمجرد أخذ قرار الانفصال.
فشريك النرجسي محاط بالعديد من القيود التي بناها النرجسي بإتقان تام، وكلما زادت سنين العلاقة زادت صعوبة الخروج منها.
في هذا الموضوع نسلط الضوء على الأسباب التي تجعل المرأة التي تورطت بالزواج برجل نرجسي تخاف من الانفصال عنه، أو بالأحرى لا تستطيع تنفيذه.
في العلاقات العاطفية، قد يكون الارتباط بشخص نرجسي تجربة مرهقة ومربكة، حيث يتلاعب الطرف النرجسي بالمشاعر، ويستخدم أساليب نفسية معقدة تجعل شريكته تشعر بأنها غير قادرة على المغادرة، إليك الأسباب التي تجعل الشريك غير قادر على الخروج من العلاقة بشكل طبيعي:
النرجسي بارع في خلق دوامة من المشاعر المتناقضة لدى شريكته، فهو يمنحها لحظات قصيرة من الحنان والاهتمام، ثم يعود ليعاملها ببرود أو قسوة، هذه الديناميكية تجعل الزوجة تعيش على أمل عودة اللحظات الجميلة، وهذا ما يدفعها للاستمرار في العلاقة، رغم الأذى النفسي الذي تتعرض له.
يعمل النرجسي بشكل غير مباشر على تحطيم ثقة زوجته بنفسها عبر النقد المستمر والتقليل من شأنها، ما يجعلها تشعر بأنها غير قادرة على العيش بدونه أو اتخاذ قرارات مصيرية بمفردها، وكلما طالت مدة العلاقة، ازدادت هشاشة ثقتها بنفسها، لذلك تعتقد أن قرار الانفصال هو مخاطرة كبيرة.
الزوج النرجسي لا يتقبل فكرة الفقدان بسهولة، وعندما تشعر الزوجة برغبة في المغادرة، قد يستخدم وسائل تهديدية كالعقاب العاطفي، أو التهديد بالحرمان المادي، أو حتى التلاعب بالأطفال إن وجدوا، ما يجعل قرار الانفصال يبدو وكأنه معركة خاسرة.
الزوجة قد تصبح مدمنة على العلاقة؛ بسبب التعزيز المتقطع الذي يمارسه النرجسي، أي المزج بين اللطف والقسوة في فترات متباعدة، هذا النوع من العلاقات يخلق ارتباطًا عاطفيًا شبيهًا بالإدمان، حيث تبقى الزوجة متعلقة بالأمل في أن يتحسن الوضع.
قد تلعب العوامل المجتمعية دورًا رئيسًا في بقاء الزوجة مع النرجسي، خاصة إذا كان الانفصال يُنظر إليه على أنه فشل، أو إذا كانت الزوجة تعاني ضغوطًا أسرية تحثها على الاستمرار حفاظًا على "الأسرة المثالية".
النرجسي يجيد التلاعب بزوجته لدرجة تجعلها تشكك في إحساسها بالواقع، وهو ما يُعرف بأسلوب "الإبهار" (Gaslighting)، فقد يقنعها بأنها تبالغ في ردود فعلها، أو تتخيل سوء معاملته، ما يجعلها تتردد في اتخاذ قرار حاسم.
الزوجة التي عاشت لسنوات في علاقة معقدة قد تخشى أن تكون وحيدة أو غير قادرة على بناء حياة جديدة بعد الانفصال؛ لأن النرجسي يزرع في عقلها فكرة أنها لن تجد شخصًا أفضل منه، ما يجعلها تستمر في العلاقة رغم معاناتها.
وعلى الرغم من صعوبة التخلص من حياة الخضوع التي عاشتها زوجة النرجسي بسبب براعته في التلاعب النفسي، إلا أنه من الممكن أن تنفصل عنه عبر وعيها واتخاذ الخطوات المناسبة، منها:
عندما تدرك الزوجة أنها ليست المذنبة، وأن شريكها يعاني اضطرابًا سلوكيًا، تبدأ في استعادة وعيها بحقيقة العلاقة.
التحدث مع الأصدقاء أو المعالجين النفسيين يساعدها على كسر العزلة واستعادة الثقة بنفسها.
إذا كان النرجسي يستخدم التهديدات، فمن الأفضل وضع خطة تدريجية للمغادرة بأقل ضرر ممكن.
عبر العمل على تطوير الذات واستعادة الاستقلال العاطفي والمادي.
وختامًا، فإن اتخاذ قرار الانفصال عن زوج نرجسي ليس سهلًا، لكنه ليس مستحيلًا أيضًا. إدراك الزوجة لحقيقة العلاقة والتلاعب الذي تتعرض له هو الخطوة الأولى نحو التحرر، ومع مرور الوقت، ومع الدعم النفسي والاجتماعي، يمكنها أن تستعيد حياتها، وتبني مستقبلًا خاليًا من الاستنزاف العاطفي.