تجتمع العائلات في موسم الأعياد، لتبادل اللحظات السعيدة والتجارب المميزة التي تُحفر في ذاكرة الأطفال. لكن أحيانا يؤدي هذا الاجتماع المنتظر بشوق إلى العديد من المشكلات التي تؤرق الأمهات، مثل سقوط مجموعة هائلة من القواعد لدى أطفالها بسبب آراء أجدادهم المختلفة.
فما تبنينه خلال وقت طويل يتم تحطيمه عبر عبارة تُظهر جهودك وقواعدك بمظهر ضعيف، ليظهر الجد الحنون المتساهل أو الجدة الطيبة، على حساب الأم الحريصة على مصلحة أطفالها.
في هذا الموضوع نقدم لك نصائح عملية للتعامل مع الأجداد ووضع حدود واضحة من شأنها الحفاظ على مكانتك وفعالية أسلوبك بعيون أطفالك.
من الشائع أن يشعر الآباء بالإجهاد عندما يبدأ الأجداد في تجاوز الحدود، سواء من خلال التعليقات النقدية حول التربية، تقديم نصائح غير مرغوب فيها، أم التدخل في أساليب التربية التي اختارها الوالدان لأنفسهم.
في مثل هذه الحالات، يصبح من الضروري وضع حدود صحية للحفاظ على علاقة سليمة ومستدامة مع الأجداد، وكذلك للحفاظ على راحة الوالدين وسعادة أطفالهم. يمكن أن تكون مهمة تحديد هذه الحدود صعبة، خصوصًا عندما يكون الشخص الذي يتعين عليك مواجهته هو من ربّاك في السابق. ومع ذلك، فإن وضع هذه الحدود يعتبر خطوة ضرورية في أي علاقة صحية.
تتمثل الحدود الصحية في تحديد ما هو مسموح وما هو غير مسموح، بطريقة تحافظ على السلام النفسي والعاطفي. الحدود هي الحاجز الذي يحمي العلاقة من التدهور بسبب الشعور بالإجهاد، والقلق، والغضب الذي قد ينشأ من انتهاك هذه الحواجز. بالنسبة للوالدين، تتمثل التحديات في تحديد النقاط التي يجب أن تكون خطوطًا حمراء يجب عدم تجاوزها، مثل:
قبل التحدث مع الأجداد حول وضع الحدود، من الضروري أن يحدد الوالدان بوضوح ما هي هذه الحدود، وأن يفهموا أسباب القلق الذي يصاحب انتهاكها. بمجرد تحديد هذه النقاط، يصبح من الأسهل التواصل مع الأجداد بطريقة تتسم بالاحترام واللطافة.
عندما يكون الوالدان مستعدين لتحديد الحدود، يجب عليهما الجلوس مع الأجداد والتحدث معهم في جو هادئ. قد يكون من الأفضل إجراء هذه المناقشة بعيدًا عن الأطفال لضمان التركيز على الرسالة وعدم تلقي ردود فعل قد تؤثر في المشاعر. فيما يلي خطوات عملية يمكن اتباعها عند التحدث إلى الأجداد:
حاول التعرف على الدافع وراء تصرفات الأجداد. على سبيل المثال، إذا لم يلتزم الأجداد بنظام الطفل اليومي، فقد يكون ذلك نتيجة رغبتهم في قضاء المزيد من الوقت مع أحفادهم. فهم هذه الاحتياجات يسهم في بناء جسر من التفاهم، ويعزز من التواصل بين الطرفين.
عندما تُعبر عن مشاعرك تجاه تصرفات الأجداد، يجب عليك استخدام صيغة تتسم باللطف والصراحة. على سبيل المثال، يمكنك القول "أشعر بالإرهاق عندما لا يلتزم طفلي بتوقيت النوم المقرر له. أحتاج منك أن تحترم الجدول الزمني حتى لا يصبح مساؤنا صعبًا". بهذه الطريقة، تضمن أن يكون هناك تواصل واضح ومباشر حول ما تحتاجه للحفاظ على الراحة والسلام الأسري.
من المهم أيضًا السماح للأجداد بمشاركة الحدود الخاصة بهم والالتزام بها. قد يكون لديهم توقعات يرغبون في تحقيقها، وعندما يتم تلبية هذه الاحتياجات باحترام، يصبح من الأسهل تحقيق التوازن في العلاقة.
وضع الحدود الصحية يساهم في تعزيز العلاقة بين الآباء والأجداد، ويساعد في الحفاظ على السلام النفسي والأسري. عندما تكون الحدود واضحة، يقل التوتر والقلق، وتصبح الحياة الأسرية أكثر سعادة وأكثر توافقًا مع رغبات كل طرف. هذا النوع من العلاقات الصحية يمكن أن يبني قوة وتفاهمًا، ويعزز من قدرة الأجداد على المشاركة في حياة الأطفال بطريقة إيجابية.
في بعض الأحيان، قد يواجه الوالدان صعوبة في الحفاظ على الحدود، أو في حالة عدم احترام الأجداد لها. في مثل هذه الحالات، قد يكون من المفيد طلب مساعدة من معالج نفسي، أو مستشار أسري، للتأكد من الحفاظ على السلام داخل الأسرة واستمرار العلاقة بشكل صحي.
وضع الحدود الصحية مع الأجداد هو خطوة أساسية لتحقيق التوازن في الحياة الأسرية المعاصرة. إنها عملية تحتاج إلى التزام وصبر، ولكنها أيضًا وسيلة فعالة للحفاظ على العلاقات الإيجابية والحفاظ على الراحة النفسية. تذكر أن تكون لطيفًا مع نفسك أثناء هذه العملية، لأنك قد تجد صعوبة في وضع الحدود، أو تكون معرضًا للانتقادات، ولكن يمكنك دائمًا تصحيح المسار والمحاولة ثانية.