قد تعاني النساء من تغيرات مفاجئة في المزاج، مثل القلق غير المبرر، أو حدوث نوبات من الاكتئاب من دون سبب واضح. ورغم أن هذه الأعراض تُنسب أحيانًا إلى ضغوط الحياة، إلا أن كثيرات لا يدركن أن السبب قد يكون الغدة الدرقية التي تلعب دورًا مهمًا في تنظيم الصحة النفسية والجسدية.
تلعب الغدة الدرقية دورًا محوريًا في الحفاظ على التوازن النفسي والجسدي، وأي خلل في أدائها قد ينعكس مباشرة على الحالة المزاجية. وتشير بيانات Cleveland Clinic إلى أن واحدة من كل ثماني نساء ستعاني من اضطراب في الغدة الدرقية في مرحلة ما من حياتها؛ ما يجعل هذه الحالة أكثر شيوعًا مما يُعتقد، وغالبًا ما يُغفل تأثيرها النفسي.
تؤثر الغدة الدرقية على الجسم بأكمله، بدءًا من عملية التمثيل الغذائي وصولاً إلى وظائف الدماغ. وعندما يحدث خلل في إنتاج الهرمونات، سواء بفرط النشاط أو القصور، يتأثر التوازن الكيميائي في الدماغ مباشرة؛ ما يوضح تأثير الهرمونات على الصحة النفسية بشكل واضح.
وبحسب موقع Harvard Health Publishing، يمكن أن تسبب اضطرابات الغدة الدرقية في ظهور أعراض نفسية تشبه كثيراً أعراض الاكتئاب أو اضطرابات القلق، ومن أبرزها:
صعوبة في التركيز وضعف الذاكرة.
تقلبات حادة في المزاج.
انخفاض الدافع والرغبة في الحياة.
مشاعر الإحباط أو الحزن المستمر.
اضطرابات النوم والأرق.
تلعب هرمونات الغدة الدرقية دورًا محوريًا في تنظيم مادة السيروتونين، وهي الناقل العصبي المرتبط بالسعادة والمزاج الإيجابي. وعند انخفاض هذه الهرمونات بسبب قصور الغدة، يتراجع إنتاج السيروتونين؛ ما يؤدي إلى ظهور مشاعر الحزن، والإحباط، واللامبالاة، وهي أعراض تتقاطع مع علامات الاكتئاب.
أما في حالة فرط نشاط الغدة الدرقية، فالصورة تختلف. ووفقًا لما ورد في موقع Mayo Clinic، فإن النساء اللواتي يعانين من هذا الاضطراب قد يشعرن بتوتر مستمر، وانفعال زائد، ونوبات من الهلع، إلى جانب نشاط ذهني مفرط يصعب التحكم به.
وفي كثير من الحالات، تكون الأعراض النفسية هي أولى الإشارات على وجود خلل في الغدة الدرقية، خصوصًا لدى النساء في العقدين الثالث والرابع من العمر. وهنا تبرز أهمية التشخيص المبكر، لفهم العلاقة المعقّدة بين توازن الهرمونات والصحة النفسية.
لا يقتصر علاج اضطرابات الغدة الدرقية على استعادة توازنها وتنظيم عملها فحسب، بل يشكّل نقطة تحول كبيرة في الصحة النفسية؛ إذ تشير تجارب العديد من النساء إلى تحسن ملحوظ في المزاج بعد أسابيع من بدء العلاج؛ مما يؤكد الرابط القوي بين الغدة الدرقية والحالة النفسية. ووفقًا لموقع WebMD، فإن خطوات العلاج تشمل:
التحليل الهرموني الدوري: الذي يعمل على فحص مستويات TSH وT3 وT4 وتحديد نوع الخلل الموجود في الغدة الدرقية.
العلاج الدوائي المناسب: مثل استخدام هرمون ليفوثيروكسين في حالات القصور، أو الأدوية المثبطة لهرمونات الغدة في حالات فرط النشاط.
المتابعة النفسية: قد تحتاج بعض الحالات إلى دعم نفسي أو علاج معرفي سلوكي، ويتم معرفة ذلك بواسطة الطبيب أو الأخصائي النفسي.
تعديل نمط الحياة: حتى يتم العلاج بشكل سليم يجب الحرص على النوم الجيد، التغذية المتوازنة، وتخفيف التوتر والقلق.