تصاب نسبة غير قليلة من الأمهات بالتهاب الغدة الدرقية بعد الولادة أو الإجهاض، خاصة خلال العام الأول بعد الولادة، لكنهن قد يعتقدن أن الأعراض التي يعانين منها جزء طبيعي من مرحلة التعافي؛ ما يجعلهن لا يبحثن عن أسبابها.
يبدأ التهاب الغدة الدرقية بعد الولادة عادةً بفرط نشاطها، حيث تطلق كميات زائدة من الهرمونات في مجرى الدم؛ ما قد يؤدي لاحقًا إلى قصور في وظيفتها، فتصبح غير قادرة على إنتاج ما يكفي من الهرمونات اللازمة للجسم.
والغدة الدرقية هي غدة صغيرة على شكل فراشة تقع في مقدمة الرقبة، وتلعب دورًا أساسيًا في إنتاج الهرمونات التي تنظم عملية التمثيل الغذائي، أي كيفية إنتاج الجسم للطاقة واستهلاكها، كما تؤثر على وظائف معظم الأعضاء. وعندما يختل توازن هذه الهرمونات، قد تظهر أعراض تؤثر على الصحة العامة والطاقة والحيوية.
التهاب الغدة الدرقية بعد الولادة هو حالة نادرة نسبيًا ومؤقتة غالبًا، وتحدث عندما تلتهب الغدة الدرقية بعد الولادة أو الإجهاض، وتصاب بحالة من فرط النشاط.
ويصيب التهاب الغدة الدرقية بعد ولادة طفل أو الإجهاض نحو 5% إلى 10% من السيدات خلال العام الأول بعد الولادة، خصوصًا من لديهن أجسام مضادة للغدة الدرقية قبل الحمل.
أيضًا السيدات المصابات بداء السكري من النوع الأول أو لديهن تاريخ من مشاكل الغدة الدرقية هن الأكثر عرضة للإصابة بالتهاب الغدة الدرقية بعد الولادة.
لا يعرف الخبراء تحديدًا أسباب اضطرابات الغدة الدرقية بعد الولادة، لكنهم يرون أنها تشبه إلى حد كبير مرض التهاب الغدة الدرقية المناعي الذاتي هاشيموتو، ومن الصعب التمييز بين الحالتين.
وفي مرض التهاب الغدة الدرقية المناعي الذاتي هاشيموتو تهاجم الأجسام المضادة (حماة الجسم والمسؤولة عن محاربة الجراثيم التي تجعلك مريضًا) الغدة الدرقية، إذ تخرج الأجسام المضادة عن السيطرة بعد الولادة، وتهاجم الغدة الدرقية عوضًا عن ذلك؛ ما يسبب التهابًا في الغدة الدرقية.
ووفقًا لموقع hopkinsmedicine فإن المعرضين لخطر الإصابة بالتهاب الغدة الدرقية بعد الولادة بشكل أكبر من يعانين مما يلي:
عندما تلتهب الغدة الدرقية، ترسل الكثير من هرمون الغدة الدرقية إلى الدم؛ ما يسبب فرط نشاط الغدة الدرقية، التي تتميز بالأعراض التالية:
بعد هذه المرحلة قد تتعافى تمامًا، أو قد تتضرر أكثر ليعاني المريض من قصور الغدة الدرقية لبقية حياته، ومن أبرز أعراضها:
قد لا تظهر هذه الأعراض حتى بعد بضعة أشهر من الولادة، وقد يتم الخلط بينها وبين العلامات الطبيعية للتعافي من الولادة. لذا، من الضروري مراجعة الطبيب للتشخيص الأدق ووصف العلاج المناسب.
للأسف يؤثر التهاب الغدة الدرقية، تحديدًا فرط نشاط الغدة الدرقية في فترة ما بعد الولادة، على الرضاعة الطبيعية، مثل إدرار الحليب.
ووفقًا لموقع medicalnewstoday، قد تعاني بعض المصابات بالتهاب الغدة الدرقية بعد الولادة من مشاكل في إمداد الحليب، لكن أخريات لا يبلغن عن أي مشاكل.
وفي بعض حالات فرط نشاط الغدة الدرقية، يمكن أن يكون لدى الأم إمداد كبير من الحليب، بينما قد تعاني أخريات من مشاكل في نزول الحليب.
وتعتبر الأدوية المضادة للغدة الدرقية بشكل عام علاجًا آمنًا لفرط نشاط الغدة الدرقية أثناء الرضاعة الطبيعية.
مبدئيًا يقوم الطبيب المختص بإجراء فحص جسدي وطرح أسئلة حول الأعراض التي تعانينها، ثم إجراء الاختبارات التي تعتمد غالبًا على مرحلة المرض.
وفي الغالب يطلب منك اختبار الدم، الذي يقيس مستويات هرمونات الغدة الدرقية (T3 أو T4 أو TSH) في دمك؛ ما إذا كنت تعاني فرط نشاط الغدة الدرقية أو نقص نشاطها.
وعادة ما يكون فحص الدم كافيًا لتشخيص التهاب الغدة الدرقية بعد الولادة، ويمكن أن يساعد أيضًا في استبعاد التشخيصات المماثلة، مثل مرض جريفز، وهو حالة تستمر مدى الحياة، وتسبب أعراضًا مشابهة لالتهاب الغدة الدرقية بعد الولادة.
عادةً ما يستمر التهاب الغدة الدرقية بعد الولادة ما بين عام وعام ونصف. وعادةً، في غضون 12 إلى 18 شهرًا من ملاحظة الأعراض لأول مرة، تعود الغدة الدرقية إلى طبيعتها.
ووفقًا لموقع clevelandclinic فإنه عادة ما يحدث التهاب الغدة الدرقية بعد الولادة على مراحل، كما يلي:
يتسبب الالتهاب في إنتاج الغدة الدرقية وإفراز الكثير من الهرمونات (فرط نشاط الغدة الدرقية). تحدث هذه المرحلة عادة بين شهر إلى 6 أشهر بعد الحمل، وقد تستمر من أسبوع إلى 3 أشهر.
لا تنتج الغدة الدرقية أو تطلق ما يكفي من الهرمونات (قصور الغدة الدرقية)، وتحدث هذه المرحلة عادة بعد 4 إلى 8 أشهر من الحمل، ويمكن أن تستمر لمدة تصل إلى عام.
تعود الغدة الدرقية عادة إلى إنتاج مستويات طبيعية من الهرمونات.
مع ذلك، لا تمر كل المصابات بجميع المراحل بالترتيب، إذ يتخطى بعضهن مرحلة قصور الغدة الدرقية، إذ يعانين فرط نشاط الغدة الدرقية، ثم تعود وظيفة الغدة الدرقية إلى طبيعتها.
في حالات نادرة، يظل الأشخاص في مرحلة قصور الغدة الدرقية، وفي هذه الحالة تحتاجين إلى العلاج بالهرمونات البديلة للتعويض عن انخفاض مستويات هرمون الغدة الدرقية.
عادةً ما يكون قصور الغدة الدرقية بعد الولادة مؤقتًا، ولا يحتاج ما بين 70% إلى 80% من الأشخاص إلى الأدوية؛ لأن الغدة الدرقية تبدأ في إنتاج الهرمونات بمستويات طبيعية من جديد.
ويبقى ما بين 20% إلى 30% في مرحلة قصور الغدة الدرقية، إذ يحتجن إلى علاج هرموني بديل طويل الأمد للغدة الدرقية. ويعتمد العلاج على ما إذا كنت تعانين فرط نشاط الغدة الدرقية أو قصور الغدة الدرقية، كما يلي:
تشمل الأدوية الكورتيكوستيرويدات، مثل بريدنيزون وحاصرات بيتا، إذ تعمل الكورتيكوستيرويدات على تخفيف الالتهاب، بينما تعمل حاصرات بيتا على منع تأثيرات هرمونات الغدة الدرقية. وكلاهما يخفف الأعراض.
من المحتمل أن تحتاج من تعاني من قصور الغدة الدرقية إلى علاج تعويضي لهرمون الغدة الدرقية، إذ يستمر هذا العلاج عادة لمدة نصف عام إلى عام. ربما تكونين قادرة بعدها على تقليل الدواء تدريجيًا مع عودة الغدة الدرقية إلى وضعها الطبيعي.