تعيش النساء اللاتي يعانين من اضطرابات الأكل خلال فترة ما قبل انقطاع الطمث مع تحديات جسمانية ونفسية متشابكة.
فالتغيرات الهرمونية المصاحبة لهذه الفترة، مثل الهبات الساخنة والتعرق الليلي، تزيد من الشعور بعدم الراحة والتوتر.
بالإضافة إلى ذلك، فإن التوقعات الثقافية المجتمعية حول الجمال والوزن المثالي تضغط على هؤلاء النساء، مما يدفعهن إلى اتباع أنظمة غذائية قاسية وممارسة تمارين مفرطة، مما يؤدي إلى تفاقم حالتهن الصحية والنفسية.
نقدم لك في التقرير، الآثار الجانبية المفاجئة لانقطاع الطمث التي يجب عليكِ معرفتها حسب دورية "Womens healthmag".
هل تعلمين أن اضطرابات الأكل لا تقتصر على المراهقات؟ غالبًا ما ترتبط هذه المشكلة بفترة المراهقة والتغيرات الجسدية والنفسية المصاحبة لها، ولكن الحقيقة أكثر تعقيدًا.
فالنساء اللواتي يتجهن نحو انقطاع الطمث، أي قبل دخول المرأة سن اليأس، قد تعود هذه الاضطرابات للظهور أو تظهر للمرة الأولى.
إذ تشهد هذه المرحلة تغيرات هرمونية كبيرة تؤثر على المزاج والجسم، مما قد يزيد من خطر الإصابة باضطرابات الأكل. تلك التغيرات الجذرية، المشابهة لتلك التي تحدث في فترة المراهقة، تخلق بيئة مناسبة لتطور هذه الاضطرابات.
ووفقًا لفال شونبيرغ المعالج المعتمد لمرحلة انقطاع الطمث، فإن ما يمثله البلوغ بالنسبة لاضطرابات الأكل في المراهقة، يشابه ما يحدث بفترة انقطاع الطمث، وفقًا لمراجعة عام 2023 حول علم الأوبئة وعلاج اضطرابات الأكل المنشورة في المجلة Current Opinion in Psychiatry.
وقد صاغ العلماء حتى مصطلح "اضطرابات الأكل في مرحلة ما قبل انقطاع الطمث" لتفسير هذه الظاهرة.
لا يوجد جين واحد أو محفز بيئي أو بيولوجي محدد "يسبب" حدوثه. لكن الخبراء يعرفون أنه خلال البلوغ وفترة ما قبل انقطاع الطمث تلعب التغيرات البيولوجية (أي التقلبات الهرمونية، والتغيرات في كيمياء الدماغ، والتغيرات الجسدية)، والتحولات النفسية (أي الشعور المتغير بالهوية)، والضغوط الاجتماعية الخارجية.
على الرغم من أن هذه العوامل قد تظهر بشكل مختلف في مراحل الحياة المختلفة، إلا أن كل واحد منها - أو كلها معًا - قد يزيد من خطر إصابة المرأة باضطراب الأكل.
انقطاع الطمث يعكس ما كان يحدث لك في بداية حياتك الإنجابية، كما تقول ماكيبا ويليامز، دكتورة الطب، الأستاذة المساعدة ورئيسة قسم التطوير المهني والرفاهية في قسم التوليد وأمراض النساء في كلية الطب بجامعة واشنطن.
وتعاني النساء في هذه الفترة من الهبات الساخنة. وأحيانًا، يمكن للانتقال أن يجعل النساء "يشعرن بأن أجسادهن تخونهن"، كما تضيف الدكتورة ويليامز.
تعتبر التغيرات الهرمونية التي تحدث أثناء انقطاع الطمث تؤثر بشكل كبير على الجسم والنفس، ولا تقتصر على أعراض مثل الهبات الساخنة، بل تمتد لتشمل الشهية والمزاج والنوم. هذه التغيرات الهرمونية قد تؤدي إلى الرغبة الشديدة في تناول الطعام أو فقدان الشهية، مما يزيد خطر الإصابة باضطراب الأكل.
وتؤدي التغيرات الهرمونية المصاحبة لانقطاع الطمث، مثل انخفاض هرمون الإستروجين وزيادة الدهون في الجسم، من الصعب على النساء الحفاظ على وزن صحي أو خسارة الوزن الزائد. هذا الأمر قد يزيد من الشعور بالإحباط، ويؤدي إلى سلوكات غذائية غير صحية.
أما العوامل الوراثية، فتؤدي إلى زيادة خطر الإصابة باضطرابات الأكل. بمعنى آخر، إذا كان هناك تاريخ عائلي من اضطرابات الأكل، فإن المرأة تكون أكثر عرضة للإصابة بها. ومع ذلك، فإن الجينات وحدها ليست كافية، بل يجب أن تتزامن مع عوامل بيئية محددة مثل الضغط النفسي أو النقد حول المظهر الجسدي.
في حين تعمل الضغوط النفسية والاجتماعية التي تواجهها المرأة في منتصف العمر، مثل رعاية الوالدين المسنين أو الطلاق، قد تؤدي إلى تفاقم مشكلة اضطرابات الأكل.
الكثير من النساء اللواتي يعانين من اضطرابات الأكل في منتصف العمر نشأن في عصر كان فيه الحديث عن اضطرابات الأكل محرجًا وغير شائع.
إذ لم يتم إدراج اضطرابات الأكل في الدليل التشخيصي للاضطرابات العقلية إلا في عام 1980، مما يعني أن الكثير من النساء اللواتي عانين من هذه الاضطرابات لم يتم تشخيصهن بشكل صحيح، أو لم يتمكن من الحصول على المساعدة المناسبة.
وتلعب العوامل الاجتماعية دورا في إخفاء هذه المشكلة، حيث كانت السمنة والرغبة في إنقاص الوزن تعتبر أمرًا طبيعيًا، وكانت اضطرابات الأكل تُعتبر مجرد حمية غذائية قاسية.
اضطرابات الأكل في منتصف العمر هي مشكلة أكثر شيوعًا مما يعتقد الكثيرون. وتوضح أن العديد من النساء يعانين من هذه الاضطرابات لسنوات، دون أن يدركن ذلك، وذلك بسبب عوامل اجتماعية وثقافية ونقص الوعي.
النساء اللواتي يعانين من اضطرابات الأكل لا يتأثرن فقط بصورتهن الذاتية السلبية، بل يتعرضن أيضًا لضغوط شديدة من الخارج، وخاصة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي.
إذ تشير الدراسات إلى أن وسائل التواصل الاجتماعي تؤدي دورًا كبيرًا في تشكيل صورة الجسم لدى النساء، وخاصة في فترة منتصف العمر عندما تكون الثقة بالنفس أكثر هشاشة.
وتعتبر فترة ما قبل انقطاع الطمث وانقطاعها فترة حساسة بشكل خاص، حيث تشهد المرأة تغيرات جسدية كبيرة، مما يجعلها أكثر عرضة للتأثر بالصور المثالية التي تعرضها وسائل التواصل الاجتماعي.
وتساهم الصور المثالية للأجسام التي تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي في زيادة الضغط على النساء للوصول إلى معايير غير واقعية، مما يؤثر سلبًا على صحتهن النفسية والجسدية.