الفن مرادف للجنون، وليس غريبًا أن نرى أعمالاً فنية تتحدى حدود العقل البشري، وتسعى لاكتشاف طرق تفكير جديدة، وتطرح الأسئلة، عوضًا عن تقديم الإجابات الجاهزة.
يسعى الفنانون دومًا لخرق ما هو متوقع، أو تقديم المألوف بطريقة مغايرة تمامًا، وهذا ما يفعله الفنانون الذين تتناولهم قائمتنا، بأعمال فنية صادمة وغير مفهومة، ولكنها تثير الفكر والفضول في الوقت نفسه.
هنا نعرض بعضًا من أغرب الأعمال الفنية التي أثارت حيرة المشاهدين والنقاد على مر التاريخ، ونحاول سبر الألغاز الكامنة وراءها.
نافورة دوشامب:
في عام 1917، أحدث الفنان الفرنسي مارسيل دوشامب ضجة كبيرة عندما قدم عمل "نافورة دوشامب"، وهي عبارة عن مبولة من الخزف، وقع عليها الفنان باسم مستعار.
هذا العمل الفني كان إعلانًا جريئًا عن حرية التعبير في الفن، وتحديًا للتقاليد الفنية الراسخة والأخلاق العامة، حيث اعتبرت القطعة شائنة جدًا بحيث لا يمكن عرضها علنًا، لذلك أُخْفِيَت خلف ستار في معرض نيويورك.
هل كان عملًا هدفه السخرية؟ أم نقدًا جديًا للأعمال الفنية المنتجة في ذلك الحين؟ يترك لك دوشامب حرية تفسير عمله كما شئت.
فضلات مانزوني:
الفنان الإيطالي الطليعي بييرو مانزوني أخذ فكرة الفن الغريب إلى مستوى آخر تمامًا في عام 1961. عبأ مانزوني فضلاته الشخصية في 90 علبة صفيح، وزن كل علبة منها 2700 جرام، وأطلق عليها اسم "فضلات الفنان".
يُعتقد أن العمل كان ردًا ساخرًا على تعليق من والده الذي امتلك مصنعًا للتعليب، والذي شبه أعمال ابنه بالفضلات.
اعتبر البعض رسائل الفنان مهينة وصادمة للقيم والذوق، في حين رآها آخرون جرأة في الطرح، ودعوة إلى كسر الأعراف الفنية.
في عام 2016، بيعت إحدى هذه العلب في مزاد بمبلغ 275 ألف يورو.
سرير تريسي أمين:
الفنانة البريطانية تريسي أمين صدمت الجمهور في عملها الفني "My Bed" عام 1998؛ إذ قدمت تريسي سريرها الفوضوي كجزء من معرض جائزة تيرنر. هذا العمل أثار جدلاً كبيراً، وسرعان ما أصبح رمزًا للفن النسوي المعاصر.
عرضت تريسي سريرها غير المرتب، وتركت الباقي لمخيلتنا. أما بالنسبة لها، فالسرير هو تعبير عن الاكتئاب والمرض غير القابل للشفاء.
هاتف جراد البحر لسلفادور دالي:
في عام 1936، قدم الفنان السريالي الإسباني سلفادور دالي "هاتف جراد البحر". وكما يوحي عنوانه؛ العمل عبارة عن هاتف عادي استُبدلت سماعته بجراد البحر.
منح هذا العمل سمعة واسعة لدالي كواحد من أبرز فناني المدرسة السريالية، وأكد قدرته على تحويل الأشياء العادية إلى رموز غريبة ومعقدة وغير قابلة للتفسير.
في محاولة للفهم، اعتقد البعض أن العمل يشير إلى "السمية" الناجمة عن وسائل التواصل الاجتماعي، والتي كان الهاتف أشهرها حينها.
كائن خوان ميرو:
ببغاء، جوارب نسائية طويلة، خريطة، قبعة، وكرة متأرجحة. جمع الفنان الكاتالوني خوان ميرو كل هذه التفاصيل الغريبة في عمل واحد بعنوان "كائن"، وهو تركيب سريالي يدمج أشياء تنحدر عن عوالم مختلفة. هذا العمل يجسد خيال ميرو الجامح ورؤيته الفريدة للعالم. ويظل أحد ألغاز الفن التشكيلي وأكثر أعماله شهراً وغموضاً.
ممرضتي لميريت أوبنهايم:
في عام 1936، قدمت الفنانة السويسرية ميريت أوبنهايم عملها الفني "ممرضتي"، حيث عرضت زوجاً من الأحذية البيضاء ذات الكعب العالي على طبق من الفضة مثل وجبة لذيذة. هذا العمل يدمج بين مفاهيم الأنوثة والطعام بطريقة غريبة ومثيرة للتفكير.
أمام الذراع المكسورة لمارسيل دوشامب:
دوشامب يظهر في قائمتنا مجددًا، هذه المرة بعمله لعام 1915، "أمام الذراع المكسورة"، وهو عبارة عن مجرفة ثلج معلقة. هذا العمل يندرج تحت مفهوم "الفن الجاهز"، حيث يأخذ الفنان أغراضاً من الحياة اليومية، ويعرضها كأنها أعمال فنية، وذلك لطرح سؤال هام حول ما يمكن اعتباره عملاً فنياً، وما يصنف كغرض يومي عادي.