تعتبر الطيبة فضيلةً تُرَسّخ المحبة والتفاهم بين الناس، لكن هل يمكن أن تتحوّل هذه السمة النبيلة إلى أداة للسيطرة والتلاعب؟
قد يبدو الأمر مستبعدًا للوهلة الأولى، فاللطف مرتبط بالعطاء، وليس بالتحكم.
ومع ذلك، هناك مواقف تكون فيها الطيبة مجرد واجهة تُخفي وراءها نوايا أخرى، حيث تُستخدم كوسيلة للهيمنة على الطرف الآخر بطرق خفية وغير مباشرة.
ليس كل من يُظهر الود والكرم يفعل ذلك بدافع المحبة الخالصة، فهناك من يُمارس الطيبة بأسلوب مشروط. في مثل هذه العلاقات، يكون اللطف أداة للحصول على الامتنان المفرط أو الولاء غير المشروط.
قد يشعر الشخص الذي يتلقى هذا "اللطف" بأنه مدين دومًا، وعليه رد الجميل بشكل مستمر، وذلك يخلق ديناميكيات غير متوازنة في العلاقة.
بعض الأشخاص يستخدمون الطيبة المفرطة كطريقة لبناء صورة مثالية لأنفسهم، تجعل من الصعب على الطرف الآخر رفض طلباتهم أو وضع حدود معهم.
عندما يشعر الشخص بأنه محاط بكرم غير محدود، قد يجد نفسه غير قادر على الاعتراض أو الرفض، خوفًا من أن يبدو جاحدًا أو ناكرًا للجميل. وهنا يتحول اللطف إلى أداة خفية للضغط النفسي.
إحدى أكثر الطرق التي تُستخدم فيها الطيبة للسيطرة، هي إقحام مشاعر الذنب في العلاقة. على سبيل المثال، قد يُظهر الطرف المسيطر تضحياته المستمرة وكأنه لا يتوقع شيئًا في المقابل، لكنه في الوقت ذاته يُلمّح إلى أنه بذل الكثير، وذلك يدفع الطرف الآخر إلى الشعور بالذنب والالتزام بالاستجابة لرغباته.
بعض الأشخاص يلجؤون إلى اللطف المفرط لتجنب المواجهة أو النقاشات الصعبة، فيُقدّمون التنازلات بشكل دائم حتى لا يُغضبوا الطرف الآخر، لكن في الحقيقة، قد يكون هذا السلوك محاولة غير مباشرة للتحكم في سير العلاقة، حيث يصبح الشخص "اللطيف" هو الطرف الذي يحدد القواعد بحجة تجنب النزاعات.
إليك بعض العلامات التي تجعلك تميّز بين ما هو حقيقي وما هو مميز:
الشخص الذي يقدم اللطف بدافع صادق لا يتوقع منك الالتزام المستمر أو التضحية براحتك لأجله.
إذا شعرت بأنك مُلزم بقبول لطف معين، حتى لا تشعر بالذنب، فقد يكون هناك نوع من التلاعب العاطفي.
هل يترافق اللطف مع توقعات مبطنة أم أنه خالٍ من أي مقابل؟
الشخص اللطيف حقًا يحترم رأيك إذا رفضت عرضه، بينما الشخص الذي يستخدم الطيبة للسيطرة قد يُشعرك بالذنب أو يلجأ إلى إشعارك بعدم الامتنان.
إذا كنت تشعر بأنك في علاقة يُستخدم فيها اللطف كأداة للسيطرة، فمن المهم أن:
إن اللطف فضيلة عظيمة، لكنه يصبح سلاحًا ذا حدين عندما يُستخدم بطريقة تفرض السيطرة وتُقيّد حرية الطرف الآخر. من المهم أن نكون قادرين على التمييز بين اللطف الحقيقي واللطف الذي يحمل في طياته نيات أخرى، حتى نحافظ على علاقات صحية قائمة على الاحترام المتبادل، وليس على الإلزام غير المرئي.