header-banner
علاقات

هل يمكن أن يكون الحب قرارا عقلانيا لا انجذابا قلبيا؟

علاقات
فريق التحرير
11 أبريل 2025,10:00 ص

لسنوات طويلة، كان يُنظر إلى الحب بوصفه حالة انفعالية خالصة، تداهم الإنسان كما تداهمه الأحلام. شعور يختارنا دون أن نستأذنه، ويقودنا دون أن يترك لنا فرصة للتفكير.

قصائد وأفلام وكتب حوّلت الحب إلى لغز خارج عن الإرادة، وكأن القلب كائن مستقل لا يعبأ بالعقل، ولا يخضع لمساءلة.

لكن هذا التصور بدأ يتغير، ليس لأن الحب فقد سِحره، بل لأننا نحن تغيّرنا. بتنا نعرف أكثر عن أنفسنا، عن احتياجاتنا العاطفية، عن الحدود التي نحمي بها سلامنا النفسي. ومع هذا النضج، صار من الضروري أن نسأل:

هل الحب قرار يمكن أن نختاره بوعي، أم أنه لا يزال شعورًا يفرض نفسه؟

الحب.. قرار أم وقوع مفاجئ؟

c94a85cc-0593-4bf3-8cae-af2cebc14c68

الافتتان لحظة لا نملكها. شيء ما يجذبنا بلا مقدمات. قد تكون نظرة، حضورًا طاغيًا، روحًا شفافة تُشبهنا أو تُكملنا. لا أحد ينكر سحر تلك الشرارة الأولى.

لكن شرارة البداية لا تكمل الطريق، فالحب الذي يُبنى ويستمر، لا يعيش على الاندفاع وحده. إنه مشروع طويل، يتطلب اختيارًا متجددًا كل يوم.

أن نُحب بوعي لا يعني أن نكبت مشاعرنا، بل أن نحترمها. أن نُصغي لما نحتاجه، ونُدرك ما لا نريده. أن نفهم لماذا جذبنا هذا الشخص تحديدًا، وماذا يقول انجذابنا عنه أكثر من حقيقته.

أن تحب بوعي: احترامٌ للمشاعر لا إنكار لها

الحب الواعي لا يُلغي وجود العاطفة، بل يُحسن التعامل معها. أن نحب بوعي يعني أن نُصغي لاحتياجاتنا، نُفكر بما يجعلنا نشعر بالأمان، ونختار من يضيف لقيمتنا، لا من يستهلكها. هو حب لا يأتي من نقص، بل من امتلاء داخلي يدرك ماذا يستحق.

علم النفس الحديث يدعم هذا الطرح. فلا ينكر وجود المشاعر، لكنه يُشير إلى أن الحب علاقة تُغذّى أو تُهمَل. تُنضجها القرارات اليومية: كيف نختلف، كيف نُصغي، كيف نعتذر. الحب كعاطفة هو البداية، أما الحب كقرار فهو ما يُبقي العلاقة حية بعد أن تهدأ اللهفة.

العاطفة وحدها لا تبني علاقة

كم من علاقة بدأت بعاطفة قوية، ثم انهارت عند أول اختبار؛ لأن المشاعر مهما بلغت من القوة، لا تكفي وحدها. لا بد من تفاهم، احترام، قدرة على الإنصات والاعتذار. وهنا يظهر الفارق بين الحب الذي يُبنى على وعي، والحب الذي يعيش على الاندفاع.

حيث أظهرت دراسة نُشرت في مجلة Personality and Individual Differences في أكتوبر 2022، أن الذكاء العاطفي، الذي يشمل القدرة على التعرف على العواطف وفهمها وإدارتها، يلعب دورًا حاسمًا في تعزيز جودة العلاقات العاطفية. الأفراد الذين يتمتعون بذكاء عاطفي عالٍ يكونون أكثر قدرة على التواصل الفعّال، وحل النزاعات بطريقة بناءة، والتعاطف مع شركائهم، ما يسهم في تعزيز الرضا والاستقرار في العلاقة.​

أخبار ذات صلة

بين التعلق العاطفي والحب الحقيقي يضيع معظم الناس

القرار لا يُفقد الحب سحره.. بل يمنحه عمقًا

اختيار من نحب لا يجعل من الحب عاطفة جامدة أو حسابية، بل يمنحه ثباتًا داخليًا. إنه حب مليء بالعاطفة، لكن دون فوضى. صادق، لكنه لا يساوم على الكرامة. دافئ، لكنه لا يغفل عن الحدود.

في الحب الواعي، لا نُعطي قلوبنا بسهولة. نعرف متى نستثمر مشاعرنا، ومتى نحميها. نُدرك أن الحب الذي لا يُنضجنا لا يستحق أن نبقى فيه، وأن الرحيل أحيانًا فعل حب للذات، لا قسوة على الآخر.

في زمن تتغير فيه العلاقات كأنها مواسم، يظل الحب القائم على الاختيار والوعي والثقة المتبادلة، هو الأكثر قدرة على الاستمرار. لأنه لا يراهن فقط على شعور سريع الزوال، بل على إنسانين اختارا أن يكونا لبعض رغم كل ما في الحياة من تقلبات.

أخبار ذات صلة

علامات خفية تُشير إلى أنك في علاقة سامّة مُغلفة بالحب

google-banner
footer-banner
foochia-logo