النرجسي ليس شخصًا عشوائيًّا في اختياراته، بل يمتلك قدرة عالية على تحديد ضحاياه بدقة متناهية، كصياد محترف يعرف فريسته جيدًا. فهو لا يستطيع العيش مع الجميع، بل يبحث عن أشخاص يمتلكون صفات معينة تجعله قادراً على التلاعب بهم واستنزافهم عاطفيًا.
فكيف يختار النرجسي ضحيته؟ وهل تمتلك بعض هذه الصفات التي قد تجذب هذا النوع من الشخصيات؟
في حوار خاص مع موقع فوشيا، شاركتنا الكوتش آمال عازار المختصة بالعلاقات النرجسية، والتي تدير منصة let's come home، لدعم ضحايا النرجسي من أجل التشافي من هذه العلاقة السامة، أبرز السمات التي يبحث عنها النرجسي:
النرجسي يبحث عن شخص لديه نقص عاطفي واضح، سواء كان بسبب طفولة قاسية، أو تجارب عاطفية سابقة مؤلمة، أو حتى بسبب شعور داخلي بالوحدة والحرمان. يدرك النرجسي هذا الاحتياج العاطفي بسرعة، ويقدم نفسه على أنه الشخص المثالي القادر على تعويض هذا النقص، ما يجعله يبدو كشريك الأحلام في البداية.
الضحايا المحتملون للنرجسي غالبًا ما يكونون ممن ينظرون إلى الحب من زاوية سطحية، حيث يُعجبون بالإيماءات الرومانسية الظاهرة مثل الهدايا، والورود، والرسائل المليئة بالكلمات العاطفية. يستغل النرجسي هذه النقطة جيدًا، فهو يعرف أن هذه الفئة من الأشخاص ستنبهر بالمظاهر الخارجية دون التعمق في جوهر العلاقة.
النرجسي يبحث عن أشخاص يقعون في الحب بسهولة، ممن ينجذبون بسرعة للأوهام التي يصنعها، إذ يتقمص الشخصية التي يريدها الضحية، فيكون رومانسيًا عندما تحتاجه كذلك، أو متفهمًا وذكيًا إذا كان ذلك هو ما تبحث عنه. بمجرد أن يضمن تعلق الضحية به، يبدأ بإظهار وجهه الحقيقي.
لا يمكن أن يكون النرجسي في علاقة لا يستفيد منها، سواء كانت فائدة مالية، اجتماعية، أو حتى مجرد تأمين استقرار عاطفي له. يبحث عن أشخاص يمتلكون موارد قيمة، سواء كان ذلك مالًا، جمالًا، منصبًا، أو حتى مجرد قدرة على منحه الاهتمام المطلق.
يحب النرجسي أن يلعب دور الضحية ليجذب التعاطف، ولذلك يبحث عن أشخاص لديهم ميل طبيعي لإنقاذ الآخرين، ممن يشعرون بأنهم مسؤولون عن مساعدة الشريك المتألم ما يعرف بتأثير الفارس الأبيض. قد يروي قصصًا حزينة عن طفولته أو عن علاقات سابقة مؤلمة ليكسب تعاطفك ويبقيك إلى جانبه.
النرجسي ليس لديه صبر لكسب ثقة الآخرين ببطء، لذا يبحث عن أشخاص يثقون بسرعة وينفتحون عاطفيًا بسهولة، لأنه يعلم أنه كلما زادت سرعة الثقة، زادت فرصته في السيطرة على مشاعر الضحية.
أكثر الضحايا تعرضًا للاستغلال هم من لا يدركون قيمتهم الحقيقية، فهم يسمحون للنرجسي بالتقليل من شأنهم دون مقاومة، وذلك يسهل عليه التحكم فيهم وتحطيم ثقتهم بأنفسهم.
بعض الأشخاص يملكون نظرة مثالية للحياة، ويعتقدون أن الجميع طيبون مثلهم، وذلك ما يجعلهم غير قادرين على رؤية الجانب المظلم في الآخرين. النرجسي يستغل هذه السذاجة ليجعلهم يصدقون أن نواياه دائمًا حسنة.
النرجسي يحب الشخص الذي يعطي دون مقابل، سواء كان ذلك في العواطف، المال، أو الجهد. هو يأخذ باستمرار، بينما يعطي القليل جدًا، ومع ذلك يظل الضحية متمسكًا به على أمل أن تتغير الأمور.
إذا كنت من الأشخاص الذين لا يستسلمون بسهولة في العلاقات، فقد تكون هدفًا للنرجسي. هو يعلم أنك ستبذل جهدًا كبيرًا لإنجاح العلاقة، حتى لو كان ذلك على حساب راحتك وسعادتك.
امتلاك هذه الصفات لا يعني أنك ضعيف، بل يعني أنك شخص ذو قلب كبير وعاطفة عميقة، لكن المهم أن تدرك متى تستخدم هذه الصفات، ومع من.
الوعي هو سلاحك الأول، فكلما كنت مدركًا لأساليب النرجسي في التلاعب، زادت قدرتك على حماية نفسك منه.
إذا كنت تجد في نفسك بعض هذه الصفات، فقد حان الوقت لتطوير وعيك العاطفي، ووضع حدود واضحة في العلاقات، حتى لا تكون هدفًا سهلاً لشخص لا يرى فيك سوى وسيلة لتحقيق رغباته.