في الحياة، لا مفرّ من التحديات، والخسارات، والخيبات، والتغيّرات المفاجئة، والقرارات الصعبة، أو حتى لحظات لا نفهم فيها أنفسنا. وبين من ينهار ومن يصمد، هناك سر لا يظهر في أول اللقاء: المرونة النفسية والعاطفية.
هذه ليست صفة يولد بها البعض دون سواهم، بل مهارة يمكن أن نتعلمها، ونقوّيها، ونبني بها عمقًا داخليًا يجعلنا أقدر على السير حتى حين تتعثر الخطى.
المرونة لا تعني ألّا نشعر بالحزن أو القلق أو التعب، بل أن نمرّ بهذه المشاعر دون أن نستسلم لها. هي قدرتنا على:
المرونة هي حين نقول: "أنا لست بخير الآن… لكنني سأكون بخير لاحقًا".
قد نظن أن المرونة تأتي من القوة أو الثقة فقط، لكنها غالبًا تنبع من الوعي والقبول:
ككل مهارة، هناك خطوات تجعلك تتعلم فن المرونة النفسية وتواجه تحديات الحياة بكل شجاعة وقوة:
أول خطوة نحو المرونة هي أن تتوقف عن الهرب من مشاعرك. حين تحزن، اسمح لنفسك أن تحزن. حين تشعر بالإحباط، لا تخجل منه.
لكن لا تجعل هذه المشاعر تغدو مكان إقامتك. استضفها لبعض الوقت، وافهم لماذا جاءت، ثم ودّعها بلطف.
أحيانًا، نعطي المواقف أكبر من حجمها لأننا نردّ بانفعال لا بتفكير. حاول أن تسأل نفسك:
الوعي بردود الأفعال هو تدريب عميق على المرونة.
كلنا نحتاج إلى مكان نلجأ إليه حين تشتد العاصفة. ليس بالضرورة مكانًا ماديًا، بل حالة ذهنية أو شعور بالأمان:
قد يكون تأملك الصباحي، أو وقتك مع كتاب تحبه، أو صديق يعرفك بصدق. هذا "المكان" يمنحك استراحة قصيرة تذكّرك بأنك لست وحدك، وبأنك قادر على المواصلة.
احذر من فهم المرونة على أنها "تحمّل دائم" أو "كبت لكل المشاعر". المرونة الحقيقية تعرف متى تصمت، ومتى تتكلم، ومتى تصبر، ومتى تطلب المساعدة.
هي لا تعني أن تكون قويًا طوال الوقت، بل أن تعرف كيف تعود لنفسك في كل مرة تنكسر فيها.
في زمن متسارع، لا يكاد شيء يبقى ثابتًا. من الوظائف، إلى العلاقات، إلى العالم من حولنا… نحن نواجه يوميًا تغيّرات تطلب منّا أن نكون أكثر توازنًا لا أكثر مقاومة.
المرونة النفسية والعاطفية ليست رفاهية. إنها مهارة للبقاء. أسلوب حياة نحتاجه لنكمل الرحلة دون أن نفقد أنفسنا في منتصف الطريق.
ربما لن ننجو من كل العواصف دون خدوش. لكننا نستطيع أن نخرج منها أقوى، وأهدأ، وأكثر قربًا من ذواتنا.
المرونة لا تُشترى، ولا تُعلَّق على الجدران كشهادة. هي تُبنى… مع كل تجربة، وكل تنهيدة، وكل مرة ننهض فيها بعد أن كدنا نسقط.