هل كتب التنمية الذاتية مفيدة حقًا؟ تجارب حقيقية

على مدار السنوات الماضية، ازداد الإقبال على كتب تطوير الذات بشكل كبير، إذ يعدّها الكثيرون وسيلة لاكتساب مهارات جديدة وتحقيق تحوّل شخصي إيجابي.

ولكن هل هذه الكتب تقدم فائدة حقيقية أم أنها مجرد وعود فارغة؟ طرح أحد مستخدمي موقع "ريديت" هذا السؤال، وتلقّى مئات الردود التي تعكس تجارب مختلفة ومتناقضة.

في هذا التقرير، نستعرض أبرز الآراء التي برزت في هذا النقاش، مصنفة وفق الاتجاهات المختلفة التي تبناها المستخدمون.

آراء أكثر من 60 شخصًا عن فائدة الكتب الذاتية

إليك ملخص لأهم الإجابات التي ذكرت في هذا الاستقصاء الشامل، لتتعرف على آراء حقيقية من أشخاص خاضوا تجربة قراءة الكتب الذاتية:

1. كتب يمكن تلخيصها في مقالة قصيرة

أحد أكثر الانتقادات شيوعًا هو أن الكثير من كتب تطوير الذات يمكن تلخيصها في بضع صفحات أو حتى في مقال مدوّن.

بعض المستخدمين عبّروا عن خيبة أملهم من هذه الكتب، إذ يرون أنها تكرر الأفكار نفسها بشكل زائد وتمدد محتواها بلا داعٍ.

أحدهم ذكر أنه قرأ كتابًا استغرق 50 صفحة للوصول إلى فكرة واحدة فقط: "إذا لم تكن ترغب في فعل شيء، افعله على أي حال." ثم تبع ذلك 150 صفحة أخرى من شهادات وآراء لا تضيف جديدًا.

2. فائدة محدودة، لكنها تساعد على الوعي الذاتي

في المقابل، يرى بعض المستخدمين أن هذه الكتب يمكن أن تكون مفيدة، لكن ليس بشكل سحري.

فهي قد تساعد القارئ على أن يصبح أكثر وعيًا بسلوكياته وعاداته، لكنها لن تغير حياته ما لم يبذل جهدًا حقيقيًا لتطبيق ما تعلّمه.

أحدهم أشار إلى أن هذه الكتب تعزز إدراكه لكيفية تأثير كلماته وأفعاله على الآخرين، لكنها لا تستطيع أن تحل مشكلاته مباشرة.

3. تركيز على المهام وليس على بناء المهارات

أحد المستخدمين الذين يعملون في مجال التطوير المهني ذكر أن المشكلة الأساسية في هذه الكتب هي أنها تميل إلى التركيز على إجراءات بسيطة، مثل "افعل هذا كل صباح لتكون أكثر نجاحًا"، بدلًا من التركيز على بناء مهارات أساسية مثل التكيف مع التغيير وتحمل المسؤولية.

وهو يرى أن التحول الحقيقي يحدث فقط إذا كان الشخص ملتزمًا بالعمل على نفسه وليس بمجرد تنفيذ مجموعة مهام مجزّأة.

4. الأهمية تعتمد على التنفيذ الشخصي

رأى بعض المستخدمين أن الكتب ذاتها ليست العامل الحاسم، بل مدى التزام الشخص بتطبيق ما يقرؤه.

أحدهم أشار إلى أنه قرأ العديد من كتب تطوير الذات، وفهم جيدًا ما الذي يحتاجه ليصبح أكثر إنتاجية، لكنه لم يتمكن من تنفيذ هذه الأفكار بالكامل بسبب طبيعته الشخصية.

آخرون أكدوا أن القراءة وحدها لا تكفي، بل يجب إعادة قراءة الكتاب وتدوين الملاحظات ووضع خطة واضحة للتطبيق.

5. بعض الكتب مفيدة لكن الاختيار ضروري

بينما شكّك العديد في جدوى هذا النوع من الكتب، أكد آخرون أن هناك بالفعل كتبًا جيدة، لكنها تحتاج إلى اختيار دقيق.

أوصى بعض المستخدمين بقراءة كتب كتبها مؤلفون يتمتعون بخبرة حقيقية وموثوقة، وليس مجرد مسوّقين ماهرين.

كما شدد بعضهم على أهمية قراءة الكتب التي تقدم استراتيجيات عملية يمكن تنفيذها، بدلًا من تلك التي تعطي وعودًا غير واقعية.

6. الكتب ليست ضرورية بوجود مصادر بديلة

أشار بعض المشاركين إلى أنه يمكن العثور على معظم المعلومات التي تقدمها كتب تطوير الذات عبر مصادر أخرى مثل المدونات، والمقالات المختصرة، أو حتى التطبيقات التي تجمع هذه الأفكار في محتوى موجز وسهل الفهم.

كما ذكر أحد المستخدمين أنه وجد فائدة أكبر في الاستماع إلى بودكاست مثل "Hidden Brain"، والذي يركز على علم النفس والسلوك البشري بطريقة علمية وعملية.

 

وكخلاصة لكل ما سبق، فقد تباينت الآراء حول جدوى كتب تطوير الذات، لكن هناك بعض النقاط التي اتفق عليها المستخدمون:

• الكثير من الكتب يمكن تلخيصها في مقالات قصيرة، وغالبًا ما تعتمد على التكرار.
• الفائدة الحقيقية لا تأتي من القراءة وحدها، بل من التطبيق الفعلي للمفاهيم.
• بعض الكتب تقدم استراتيجيات قيمة، لكن اختيار الكتب الجيدة أمر أساسي.
• يمكن العثور على محتوى مشابه عبر مصادر أخرى مثل المدونات والبودكاست.

في النهاية، يمكن القول إن كتب تطوير الذات ليست حلًا سحريًا، لكنها قد تكون أداة مفيدة إذا تم استخدامها بشكل صحيح. فالأمر يعتمد على الشخص نفسه: هل هو مستعد للعمل على ذاته وتطبيق ما يتعلمه، أم يكتفي بالقراءة وانتظار التغيير دون فعل حقيقي؟