هناك شعور غامض قد يراود الكثيرين بين الحين والآخر، شعور يشبه الفراغ الداخلي أو الانفصال العاطفي، لكنه يبقى صعب التحديد والفهم.
يصفه البعض بأنه خدر داخلي، أو إحساس بالضياع، أو حتى ملل دائم لا تفسير واضح له.
قد تشعر أن هناك شيئًا ناقصًا في داخلك، ولكنك لا تستطيع وضع يدك عليه. فما الذي يعنيه هذا الشعور؟ وكيف يمكن التعامل معه؟
الشعور بالفراغ هو من أكثر المشاعر صعوبةً في الاستيعاب والتعامل معه. عندما ينتابك هذا الشعور، قد تجد نفسك عاجزًا عن وصفه، وكأنك تائه بين أفكار مبهمة ومشاعر غير واضحة. ربما تشعر أنك معزول، أو كأنك متفرج على حياتك بدلًا من أن تكون جزءًا حقيقيًا منها.
يلجأ البعض إلى تعويض هذا الفراغ بطرق متعددة، مثل الإفراط في تناول الطعام، أو الانغماس في التسوق، أو حتى اللجوء إلى العلاقات العاطفية المتكررة بحثًا عن شعور مفقود.
لكن للأسف، غالبًا ما تعود هذه المشاعر مجددًا، لتترك الشخص في حالة من البحث المستمر عن إجابة غير واضحة.
إذا كنت تشعر أن هناك شيئًا ما ينقصك، فقد يكون ذلك نتيجة لانفصالك عن مشاعرك. إليك بعض الإشارات التي قد تدل على ذلك:
غالبًا ما يكون هذا الشعور مرتبطًا بتجارب الطفولة، وبالتحديد بالإهمال العاطفي. فالأطفال الذين نشؤوا في بيئات لم تمنحهم الاهتمام الكافي لمشاعرهم، ولم تُعلمهم كيفية التعبير عنها، قد يجدون أنفسهم في الكبر يعانون من هذا الفراغ.
ربما لم تكن مشاعرك كطفل موضع اهتمام من قِبَل والديك، أو ربما لم تتلقَ الدعم العاطفي اللازم عندما كنت بحاجة إليه. نتيجةً لذلك، تعلمت أن تتجاهل مشاعرك، أو تقلل من أهميتها.
حين يكبر الطفل في بيئة تتجاهل احتياجاته العاطفية، يبدأ في بناء جدار بينه وبين مشاعره، تمامًا كما تعلم من والديه، أو من بيئته المحيطة. وبهذا، يصبح هذا النمط العاطفي عادةً مستمرة في حياته، فيجد نفسه منفصلًا عن عواطفه وغير قادر على إدارتها أو حتى التعرف عليها بشكل واضح.
المفارقة في هذا الأمر أن الحل لا يكمن في البحث عن المشاعر المفقودة في الخارج، بل في إعادة الاتصال بالمشاعر الموجودة أصلًا بداخلك. مشاعرك لم تختفِ، لكنها ربما أصبحت غريبة عنك بسبب الطريقة التي نشأت بها. إليك بعض الخطوات التي قد تساعدك على إعادة التواصل مع ذاتك العاطفية:
عوضًا عن تجاهل ما تشعر به، حاول أن تعطي نفسك الفرصة لفهم مشاعرك والإنصات إليها.
بدلاً من اعتبار المشاعر عبئًا، حاول أن تراها كرسائل من جسدك تساعدك على فهم احتياجاتك.
سواء من خلال الكتابة، التحدث مع شخص موثوق، أو حتى التعبير عنها بطرق فنية، المهم أن تخرجها إلى السطح بدلاً من كبتها.
قد تساعدك هذه الممارسات على أن تصبح أكثر وعيًا بمشاعرك وأفكارك الداخلية.
إذا كنت تشعر بالفراغ العاطفي، فتذكر أن الحل لا يكمن في إخفاء المشاعر أو إنكارها، بل في التعرف عليها والتصالح معها. قد يكون من الصعب كسر العادات العاطفية التي تكونت منذ الطفولة، ولكن مع الوقت والممارسة، يمكنك إعادة بناء علاقتك مع ذاتك ومشاعرك، واستعادة الإحساس بالاكتمال العاطفي الذي تستحقه.