رغم محاولات الآباء والأمهات حماية أطفالهم الدائمة، فإن هناك مساحات يتسلل فيها الخطر بشكل لا يمكن للأهل التحكم به.
من بين هذه المخاطر التي يتوجب على الأهل امتلاك الوعي الكافي بها، خطر الابتزاز الإلكتروني الذي صار يستهدف الأطفال قبل الكبار، لسهولة التسلل إليهم.
ولاجتناب التعرض لذلك ومنع الآثار النفسية والاجتماعية الخطيرة، التي يقع فيها الأطفال وأهاليهم ضحية تهديدات تسلب أمانهم، حاور موقع "فوشيا" الأخصائية النفسية والاجتماعية لانا قصقص، وخبير الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي بلال أسعد، بهدف تقديم أهم النصائح والتوجيهات التي على الأهل الانتباه لها وتطبيقها لحماية أطفالهم من خطر الابتزاز الإلكتروني.
الجانب النفسي والاجتماعي للابتزاز الإلكتروني
بهدف معرفة الأبعاد النفسية والاجتماعية لأطفالنا في أثناء الابتزاز الإلكتروني، وكيفية حمايتهم من وقوعه، تحدثنا إلى الخبيرة النفسية والاجتماعية لانا قصقص، للإجابة عن أهم الأسئلة التي قد يطرحها الآباء في هذا الصدد:
ما المؤشرات التي تدل على أن الطفل قد يكون ضحية ابتزاز إلكتروني؟
قد يُظهر الطفل الذي يتعرض للابتزاز الإلكتروني تغيرات ملحوظة في سلوكه، من بينها:
- الانسحاب من العلاقات الاجتماعية والانطواء.
- الشعور بالخوف والقلق عند التعامل مع الأشخاص، وخاصة الوالدين.
- التوتر أثناء استخدام الأجهزة الإلكترونية ومحاولة إخفاء أنشطته على الإنترنت.
- تراجع الأداء الأكاديمي، انخفاض العلامات، التغيب عن المدرسة، والرغبة في الهروب من المدرسة.
- اضطرابات النوم، مثل الأرق أو الكوابيس، أو كثرة النوم وقلة النوم.
- تغيرات في نظام الأكل، كالإفراط أو فقدان الشهية، وكأن الطفل يعاقب نفسه.
- تقلبات مزاجية حادة، مثل نوبات غضب مفاجئة أو بكاء غير مبرر.
كيف يمكن للوالدين بناء علاقة تواصل مع أطفالهم تجعلهم يثقون بإبلاغهم عن أي تهديد؟
بعض المحادثات اليومية البسيطة من شأنها خلق مساحة آمنة للطفل كي يشارك أهله كل ما يتعرض له، مع الانتباه إلى:
- تخصيص وقت يومي للحديث مع الطفل عن يومه بشكل ودي، دون توجيه انتقادات.
- خلق بيئة آمنة يشعر فيها الطفل بالراحة والثقة.
- الاستماع الفعلي لِما يقوله الطفل مع الانتباه لمشاعره ومحاولة فهم ما قد يخفيه.
- تعليم الطفل القيم والخصوصية، مثل عدم مشاركة معلومات العائلة مع الغرباء.
ما الخطوات الوقائية التي يمكن اتخاذها لمنع وقوع الطفل في فخ الابتزاز الإلكتروني؟
يجب على الأهل مراقبة استخدام الطفل للإنترنت ومتابعة المواقع التي يتصفحها والمحتوى الذي يشاهده. بالإضافة إلى تعزيز وعي الطفل حول أهمية حماية خصوصياته، وتعليمه كيفية حماية بياناته بنفسه.
كيف يمكن توعية الأطفال بخصوصية معلوماتهم وصورهم على الإنترنت؟
عن طريق تعليمهم الفرق بين المعلومات الشخصية التي يجب حمايتها والمعلومات العامة التي يمكن مشاركتها. بالإضافة إلى توضيح العواقب المحتملة لنشر الصور والمعلومات الخاصة، وكيفية استغلالها من قبل الآخرين.
ومن المهم جدًّا تنبيههم إلى أن ما يُنشر عبر الإنترنت يبقى هناك للأبد، ويجب التفكير جيدًا قبل نشر أي محتوى.
ما دور المدارس والمؤسسات التربوية في توعية الأطفال حول مخاطر الابتزاز الإلكتروني؟
يجب على المدرسة القيام ببضع خطوات لحماية الطفل من الابتزاز الإلكتروني، من بينها:
- تقديم برامج تعليمية حول الأمان الإلكتروني ضمن المناهج الدراسية.
- تنظيم ورش عمل توعوية تستهدف جميع الفئات العمرية.
- بناء جسور تواصل بين الأهل والمدرسة لرصد أي مخاطر محتملة.
- توفير خطوط ساخنة تتيح للأطفال التبليغ بسرية عن أي مشكلة يواجهونها.
إذا تعرض الطفل للابتزاز، ما الخطوات التي يجب أن يتبعها الأهل للتعامل مع الموقف؟
على الأهل أن يتمالكوا أنفسهم إذا حدث ابتزاز لطفلهم مع الحرص على:
- تجنب ردود الفعل العنيفة أو لوم الطفل.
- تهدئة الطفل وتوفير الدعم النفسي له.
- جمع الأدلة المتعلقة بالابتزاز، مثل: الرسائل أو الصور.
- التواصل مع السلطات المختصة أو الخطوط الساخنة وتقديم الأدلة المتوفرة.
- الاستعانة بخبراء نفسيين واجتماعيين لدعم الطفل ومعالجة تداعيات الموقف.
كيف يمكن تعزيز ثقة الطفل بنفسه ليكون أقل عرضة للاستغلال؟
- خلق بيئة آمنة وداعمة للطفل.
- التركيز على نقاط قوته وإشراكه في أنشطة تعزز شخصيته.
- تجنب الانتقاد السلبي والعنف النفسي الذي يؤثر في صورة الطفل عن نفسه.
- تعليمه الحوار المفتوح والآمن مع والديه.
إذا لاحظ الأهل أي علامات على تعرّض أطفالهم للابتزاز الإلكتروني، من المهم التصرف بسرعة وطلب المساعدة من المختصين.
وكمثال، توفر خدمات منظمة مفتاح الحياة التي أسستها الأخصائية لانا قصقص دعمًا للأهل والأطفال الذين يواجهون الابتزاز الإلكتروني، حيث تتيح قنوات للتواصل مع مختصين للمساعدة.
الجانب التقني للحماية من الابتزاز الإلكتروني
وعن الجانب التقني وكيفية حماية الطفل من الابتزاز الإلكتروني نشارككم مجموعة من النصائح التي قدمها بلال أسعد، الخبير في الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي في حواره مع "فوشيا":
ما أول خطوة يجب أن أتخذها لحماية طفلي من الابتزاز الإلكتروني؟
- التحدث مع طفلك وتوعيته بمخاطر الإنترنت والابتزاز الإلكتروني بلغة تناسب عمره.
- تعزيز ثقته بك كملاذ آمن ليخبرك بأي مشكلة يواجهها.
- مراقبة نشاطه عبر الإنترنت بشكل غير متطفل لتفهم طبيعة استخدامه.
كيف أستطيع التأكد من أن حسابات طفلي على الإنترنت آمنة؟
- التأكد من استخدام كلمات مرور قوية وفريدة لكل حساب.
- تفعيل التحقق بخطوتين (Two-Factor Authentication) على جميع حساباته.
- مراجعة إعدادات الخصوصية للتأكد من أنها تقتصر على الأصدقاء أو الأشخاص الموثوقين.
- توعية الطفل بعدم مشاركة معلومات تسجيل الدخول مع أي شخص.
هل هناك برامج أو تطبيقات يمكنني استخدامها لمراقبة نشاط طفلي على الإنترنت؟
نعم، هناك العديد من البرامج مثل:
- Qustodio: لمراقبة استخدام الإنترنت والتحكم فيه.
- Norton Family: يتيح مراقبة وتقييد المحتوى.
- Bark: لتحليل الرسائل والتنبيهات بمحتوى خطير.
- Google Family Link: لمراقبة الأجهزة والتحكم بالوقت.
اختر تطبيقاً يناسب احتياجاتك وتحدث مع طفلك حول سبب استخدامه.
كيف يمكنني تعليم طفلي كي يتعرف على محاولات الابتزاز الإلكتروني؟
شرح مفهوم الابتزاز الإلكتروني باستخدام أمثلة مبسطة. وتعليمه الانتباه إلى العلامات التالية:
- طلب معلومات شخصية أو صور.
- تهديدات أو محاولات لجعل الطفل يشعر بالذنب.
ويجب على الأهل تشجيعه على عدم الرد على الرسائل المريبة وإبلاغك فوراً.
هل يجب أن أضع قيوداً على استخدام طفلي للإنترنت؟ وما أفضل الطرق لذلك؟
نعم، وضع قيود ضروري وخاصة للأطفال الأصغر سناً. أفضل الطرق تشمل:
- تحديد أوقات استخدام الأجهزة.
- تقييد الوصول إلى مواقع أو تطبيقات غير مناسبة عبر برامج الرقابة.
- الوُجود مع الطفل عند استخدام الإنترنت في الأماكن العامة وبالمنزل.
كيف أستطيع التأكد من أن جهاز الكمبيوتر أو الهاتف الذكي الخاص بطفلي محمي ضد التهديدات الإلكترونية؟
- تثبيت برامج مكافحة الفيروسات والبرمجيات الخبيثة مثل Kaspersky أو Bitdefender.
- تحديث النظام والتطبيقات بانتظام.
- تفعيل جدران الحماية (Firewalls).
- تعليم طفلك تجنب تنزيل التطبيقات أو الملفات من مصادر غير موثوقة.
هل هناك أدوات يمكنني استخدامها للتأكد من عدم تواصل طفلي مع أشخاص غير موثوقين على الإنترنت؟
- استخدام برامج مثل Bark أو Net Nanny التي تراقب الرسائل، وتنبهك إذا كان هناك تواصل مريب.
- مراجعة قوائم الأصدقاء والمتابعين على حسابات التواصل الاجتماعي.
- تفعيل ميزات التقييد (Restrict) في التطبيقات مثل إنستغرام وفيسبوك.
إذا وقع طفلي ضحية لابتزاز إلكتروني، ما الخطوات التقنية التي يجب أن أتبعها فوراً؟
- تهدئة الطفل، وطمأنته بأنك ستتعامل مع الموقف.
- عدم الرد على المبتز.
- تجميع الأدلة (رسائل، صور، أو تسجيلات الشاشة).
- الإبلاغ عن الحساب المبتز إلى المنصة المستخدمة.
- استخدام الأدوات القانونية مثل: التواصل مع الشرطة أو الجهات المتخصصة في الجرائم الإلكترونية.
كيف أستطيع منع طفلي من نشر معلومات شخصية أو صور قد تعرضه للمخاطر على الإنترنت؟
التحدث معه عن أهمية الخصوصية وعدم مشاركة:
- رقم الهاتف.
- العنوان.
- الصور أو الفيديوهات الشخصية.
- تعليمه أن ما يُنشر على الإنترنت قد يبقى للأبد.
- تفعيل إعدادات الخصوصية في حساباته للتأكد من أن منشوراته مرئية فقط للأشخاص الموثوقين.
الوقاية تبدأ بالتواصل المستمر والتوعية المبكرة لطفلك، مع استخدام الأدوات التقنية لتعزيز الحماية.
وكخلاصة، فإن حماية الأطفال من الابتزاز الإلكتروني تتطلب خطوات عملية وواضحة، بدءاً من مراقبة نشاطهم على الإنترنت إلى تعليمهم كيفية التعرف على المخاطر وحمايتهم من التهديدات. باستخدام الأدوات التقنية المناسبة والحوار المفتوح مع الأطفال، يمكن للآباء ضمان بيئة أكثر أماناً لأبنائهم في العالم الرقمي.