عندما تصبح المرأة أما، تتغير حياتها بالكامل، ويصبح احتواء أطفالها وتلبية احتياجاتهم أولوية تتقدّم على كل شيء.
تمر السنوات، وتمضي الأيّام بين مسؤوليات التربية والعمل والأسرة، حتى تجد الأم نفسها وقد أهملت أحلامها وشغفها، وربما لم تعد تعرف من هي خارج إطار الأمومة.
لكن في مرحلة ما، خاصة بعد أن يكبر الأبناء ويصبحوا أكثر استقلالية، تبدأ الحاجة إلى إعادة اكتشاف الذات، واستعادة الأهداف والأحلام المؤجلة.
بمناسبة عيد الأم، يمكنك منح نفسك هذه الهدية القيمة، وإعادة اكتشاف نفسك، من أجلك ومن أجل أطفالك.
العطاء غير المشروط هو جوهر الأمومة، لكنه لا يعني أن تتلاشى المرأة أمام مسؤولياتها.
حين تنسى الأم نفسها لفترات طويلة، قد تشعر بفقدان هويتها الخاصة، أو بعدم الإنجاز خارج دورها الأسري.
إعادة اكتشاف الذات ليس ترفا، بل ضرورة للحفاظ على التوازن النفسي والعاطفي، وللشعور بالرضا عن الحياة. إليك خطوات تساعدك على استعادة ذاتك
مع انشغالها بعائلتها، قد تتوقف الأم عن ممارسة الهوايات التي كانت تمنحها السعادة. ربما كانت تحب الكتابة، الرسم، الطهي الإبداعي، أو حتى ممارسة الرياضة. يمكنها إعادة الاتصال بتلك الأنشطة، أو حتى اكتشاف اهتمامات جديدة تُشعرها بالحيوية.
كثير من الأمهات يجدن صعوبة في تخصيص وقت لأنفسهن، لأنهن اعتدن على تقديم الآخرين أولًا. لكن تخصيص وقت يومي أو أسبوعي لممارسة نشاط تحبه، أو مجرد الاسترخاء، يساعدها على تجديد طاقتها، وينعكس إيجابيا على أسرتها أيضا.
العزلة الاجتماعية من الأمور التي قد تواجهها الأم بعد سنوات من الانشغال بتربية الأبناء. إعادة التواصل مع الصديقات، أو الانضمام إلى مجتمعات نسائية أو مجموعات ذات اهتمامات مشتركة، يمنحها فرصة للتعبير عن نفسها واستعادة روحها الاجتماعية.
إذا كانت الأم قد ابتعدت عن سوق العمل، أو لم تُكمل تعليمها بسبب مسؤوليات الأسرة، فقد يكون الوقت مناسبا للنظر في الفرص المتاحة. يمكنها الالتحاق بدورات تعليمية، أو تجربة عمل جديد، أو حتى بدء مشروعها الخاص، الذي يعيد إليها الشعور بالإنجاز والاستقلالية.
إعادة اكتشاف الذات لا تقتصر على الأمور الفكرية فقط، بل تشمل العناية بالصحة الجسدية والنفسية. قد يكون ذلك من خلال تبني عادات غذائية صحية، أو ممارسة التأمل والرياضة، أو حتى استشارة مختص نفسي إذا احتاجت لدعم يساعدها في تخطي مشاعر الإنهاك أو التوتر.
ليس من الضروري أن تكون الأهداف كبيرة أو معقدة، يكفي أن تكون أهدافا تمنحها إحساسا بالتقدم الشخصي. ربما ترغب في السفر، أو تعلّم لغة جديدة، أو المشاركة في عمل تطوعي. الأهم هو أن تشعر أن هناك شيئا جديدا تتطلع إليه.
إعادة اكتشاف الذات بعد سنوات من العطاء ليست أنانية، بل هي حق لكل أم تحتاج إلى استعادة توازنها وشغفها بالحياة. عندما تهتم الأم بنفسها وتمنحها الأولوية بين الحين والآخر، فإنها لا تصبح فقط أكثر سعادة ورضا، بل تكون أيضا نموذجا إيجابيا لأبنائها، يعلمهم أهمية تحقيق التوازن بين العطاء للآخرين والاعتناء بالنفس.