اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه (ADHD) هو حالة عصبية تؤثر في قدرة الشخص على التركيز، التحرك باندفاع، والسيطرة على الانفعالات.
يعد هذا الاضطراب من أكثر الاضطرابات العصبية شيوعًا بين الأطفال، وقد يستمر تأثيره على الأفراد خلال مراحل مختلفة من حياتهم، بما في ذلك مرحلة البلوغ.
إلا أن السؤال الذي يطرح نفسه: هل تصبح أعراض هذا الاضطراب أكثر سوءًا مع التقدم في العمر؟
في هذا المقال، سنستعرض هذا الموضوع ونناقش العوامل التي قد تؤثر على أعراض ADHD مع مرور الوقت.
الأعراض المرتبطة باضطراب ADHD ليست ثابتة، فقد تختلف من شخص لآخر. ما يعتبر سلوكًا طبيعيًا لشخص قد لا يكون كذلك لشخص آخر يعاني نفس الاضطراب. علاوة على ذلك، يمكن أن تتغير الأعراض مع التقدم في العمر، حيث يمكن أن يظهر الاضطراب بطرق مختلفة في مراحل الحياة المتنوعة.
في الأطفال، قد يظهر فرط النشاط على شكل حركة مستمرة مثل الركض أو القفز في أماكن غير مناسبة. أما في البالغين، فقد يتجلى فرط النشاط في صورة قلق مستمر أو صعوبة في الجلوس لفترة طويلة، مثل التململ أثناء الاجتماعات أو الشعور بالضيق عند محاولة إتمام مهمة معينة.
وبالنسبة للنساء، قد تتأثر أعراض (ADHD) بالتغيرات الهرمونية التي تحدث خلال الدورة الشهرية أو الحمل؛ ما يؤدي إلى تغيرات في شدة الأعراض. على سبيل المثال، يمكن لبعض النساء أن يشعرن بتحسن في أعراضهن خلال الحمل بسبب ارتفاع مستويات هرمون الإستروجين، بينما قد تزداد الأعراض سوءًا خلال فترة ما قبل انقطاع الطمث حيث تنخفض مستويات الإستروجين.
رغم أن اضطراب (ADHD) لا يتفاقم بالضرورة مع التقدم في العمر، فإن بعض الأفراد قد يشعرون بأن أعراضهم أصبحت أكثر حدة أو صعوبة في التعامل معها في مرحلة البلوغ. قد يكون ذلك بسبب عدم تشخيص الاضطراب في الطفولة، حيث يصل بعض الأشخاص إلى سن البلوغ دون تعلم كيفية التعامل مع أعراضهم. وقد يشعر هؤلاء بأن اضطرابهم أصبح أكثر تحديًا مع تزايد الضغوط والمسؤوليات التي تأتي مع الحياة المهنية أو الشخصية.
إضافة إلى ذلك، قد تؤدي العوامل البيئية والتغيرات الحياتية إلى زيادة شعور الفرد بأن أعراض (ADHD) أصبحت أكثر وضوحًا أو صعوبة في التعامل معها. على سبيل المثال، ضغوط العمل اليومية أو مشكلات العلاقات الشخصية قد تؤدي إلى شعور الشخص بأن الاضطراب أصبح أكثر حدة. كما أن بعض الحالات الصحية العقلية الأخرى، مثل: القلق، أو الاكتئاب، قد تزيد من شدة الأعراض.
تشير الدراسات إلى أن نسبة كبيرة من المصابين باضطراب (ADHD) يعانون أيضًا اضطرابات أخرى، مثل: القلق، والاكتئاب، واضطرابات الأكل، والاضطراب ثنائي القطب. كل هذه الحالات قد تؤثر في أعراض (ADHD) وتجعلها تبدو أكثر حدة.
لحسن الحظ، يمكن إدارة أعراض اضطراب (ADHD) في أي مرحلة من مراحل الحياة، سواء كان ذلك في الطفولة أو البلوغ. يشمل ذلك اللجوء إلى متخصصين في الصحة العقلية الذين يمكنهم مساعدة الشخص على تطوير إستراتيجيات للتعامل مع الأعراض. ويمكن أن تشمل هذه الإستراتيجيات استخدام الأدوية التي يوصي بها الطبيب، والتي تساعد على تحسين التركيز وتقليل الاندفاع.
إلى جانب العلاج الطبي، هناك مجموعة من المهارات والإستراتيجيات التي يمكن للفرد تطويرها للتعامل مع الأعراض بشكل يومي. ومن بين هذه الإستراتيجيات:
يمكن للشخص تقليل التشتت عن طريق تهيئة بيئة خالية من المشتتات قدر الإمكان. فعلى سبيل المثال، يمكن تخصيص مكان محدد للعمل أو الدراسة بعيدًا عن مصادر الضوضاء.
التحكم في الانفعالات هو تحدٍّ كبير بالنسبة للأشخاص المصابين بـ (ADHD). يمكن تعلم تقنيات تساعد على التحكم في الانفعالات، مثل: ممارسة التأمل، أو استخدام تقنيات التنفس العميق.
يمكن أن يكون الانضمام إلى مجموعات دعم أو الاستعانة بخدمات علاجية مفيدة للأفراد الذين يعانون اضطراب (ADHD). إذ يمكن أن توفر هذه المجموعات الدعم العاطفي والنفسي الذي يحتاجه الشخص للتعامل مع الأعراض.
دعم الأسرة والأصدقاء يلعب دورًا مهمًّا في مساعدة الفرد على التعامل مع الأعراض اليومية. كما أن وجود شبكة اجتماعية داعمة يمكن أن يخفف من الضغط الناتج عن التعامل مع اضطراب (ADHD).
يمكن أن تتغير أعراض اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه مع التقدم في العمر، ولكن هذا لا يعني بالضرورة أن الاضطراب يصبح أكثر سوءًا. بل تعتمد حدة الأعراض على مجموعة من العوامل، مثل: البيئة المحيطة، والدعم الاجتماعي، والعلاج المناسب.
من المهم أن يتلقى الأشخاص المصابون بـ (ADHD) الدعم اللازم من متخصصي الصحة العقلية للتعامل مع الأعراض وتطوير إستراتيجيات لتحسين نوعية حياتهم. يمكن للبالغين المصابين بهذا الاضطراب أن يعيشوا حياة منتجة ومريحة إذا تم تشخيصهم بشكل صحيح وتم دعمهم بالطرق المناسبة.
إذا كنت تشعر بأن أعراض (ADHD) لديك أصبحت أكثر حدة أو تحتاج إلى المساعدة في إدارة الأعراض، فمن الأفضل التواصل مع متخصص في الصحة العقلية للحصول على التوجيه المناسب.