في عالمٍ مليء بالضغوطات والمشاعر القلقة التي تلاحقنا في لحظات غير متوقعة، قد يشعر البعض أن جسدهم قد خانهم في أوقاتٍ حساسة.
قد يكون هذا الشعور أشد قسوة عندما نكون محاطين بالأصدقاء أو العائلة، وتظهر الحاجة الملحة لإيجاد طريقة سريعة وفعّالة لتهدئة الأعصاب.
لكن، ماذا لو كانت الحلول أبسط مما نتخيل؟ وهل يمكن لأمر بسيط مثل وضع قطع من الثلج على مؤخرة الرقبة أن يكون حلًا فعّالًا لتهدئة القلق؟ دعونا نغوص في هذا الموضوع، ونكتشف حقيقة هذه الطريقة التي اكتسبت شهرة واسعة على منصات التواصل الاجتماعي.
في الآونة الأخيرة، انتشرت على منصات مثل تيك توك وإنستغرام فكرة وضع الثلج على مؤخرة الرقبة كطريقة لوقف القلق على الفور.
وبالرغم من أنها قد تبدو مجرد حيلة عابرة، إلا أن الخبراء في الصحة النفسية يعتقدون أن لهذا الفعل تفسيرًا علميًا منطقيًا.
تقول الدكتورة أشويني نادكارني، المديرة الطبية المساعدة في قسم الطب النفسي بمستشفى بريغهام، إن وضع الثلج على هذه المنطقة من الرقبة يحفز العصب المبهم، وهو العصب الأطول في الجسم الذي يمتد من الدماغ عبر الرقبة إلى الصدر والمعدة. هذا العصب هو جزء من الجهاز العصبي اللاودي، الذي يتولى مهمة تهدئة الجسم بعد فترات التوتر.
عندما يتم تحفيز العصب المبهم، يتوقف الجسم عن الاستجابة لآلية "القتال أو الهروب" ويبدأ في العودة إلى حالة من الاسترخاء.
وبالتالي، فإن التلامس مع البرودة يحفز الجسم ليقلل من معدل ضربات القلب ويخفف التوتر؛ ما يساعد على تهدئة العقل والجسم معًا.
العصب المبهم لا يعمل فقط على تهدئة الجسم، بل يعد بمثابة "فرامل" للجهاز العصبي الذاتي. في حين أن الجهاز العصبي الودي يوجه الجسم للاستعداد للعمل البدني أو الهروب من الخطر، يعمل الجهاز العصبي اللاودي على إعادة الجسم إلى حالة الراحة والهضم؛ ما يمنح الجسم الفرصة للتعافي والهدوء. وبالمثل، فإن تأثير البرودة على الرقبة يمكن أن يوقف هذا التفاعل الفسيولوجي المرهق، ويعيد الجسم إلى حالة من الاستقرار والراحة.
على الرغم من أن وضع الثلج على الرقبة قد يكون حلاً سريعًا وفعّالًا، إلا أن هناك العديد من الطرق الأخرى التي يمكن أن تساهم في تقليل القلق بشكل طبيعي.
على سبيل المثال، تقول الدكتورة نادكارني أن التصفير أو الضحك أو المضمضة بالماء يمكن أن يساعد أيضًا في تحفيز العصب المبهم؛ ما يعزز الاسترخاء، ويوقف الهجوم المفاجئ للقلق.
من التقنيات الأخرى التي يمكن استخدامها أيضًا التنفس العميق.
ببساطة، التنفس ببطء عبر الشفاه المضمومة يساعد في تنشيط الجهاز العصبي اللاودي، ويعزز حالة من الهدوء.
يساهم التنفس العميق في تقليل معدل ضربات القلب، ويمنح الدماغ إشارات على أن الوقت قد حان للاسترخاء. كذلك، الجلوس مع رفع القدمين يمكن أن يساعد في تخفيف الضغط على القلب؛ وبالتالي تعزيز الاسترخاء بشكل عام.
في النهاية، لا شك أن الحياة مليئة بالتحديات التي تضعنا في مواقف نحتاج فيها إلى تقنيات سريعة للتهدئة. قد تكون بعض الحيل التي تظهر على منصات التواصل الاجتماعي مجرد موضة عابرة، ولكن حين نغوص في علم الأعصاب والطب النفسي، نجد أن بعضها قد يكون فعّالًا بالفعل.