في السنوات الأخيرة، شهدت معدلات الحمل في سن متأخرة ارتفاعًا ملحوظًا، حيث بلغت نسبة الولادات الأولى للنساء فوق سن الخامسة والثلاثين حوالي 9% في الولايات المتحدة؛ ما يعكس زيادة قدرها 23% مقارنةً بما كانت عليه قبل عقدين.
ويتجاوز عدد النساء اللواتي يلدن بعد سن الأربعين في أمريكا وحدها 100,000 امرأة سنويًا؛ ما يثير تساؤلات عديدة حول المخاطر والفوائد المرتبطة بهذا القرار.
إن إحدى التحديات الرئيسية للحمل بعد سن الأربعين تكمن في تراجع كمية وجودة البويضات. عند ولادة الفتاة، تمتلك مبايضها حوالي 6-7 مليون بويضة، ولكن هذا العدد ينخفض بشكل كبير مع مرور الزمن.
ففي مرحلة البلوغ، يصبح العدد بين 300,000 إلى 500,000، ويصل إلى 25,000 بويضة بحلول سن السابعة والثلاثين. وفي مرحلة انقطاع الطمث، لا يتبقى سوى حوالي 1,000 بويضة.
وليس فقط العدد هو ما يتأثر، بل الجودة أيضًا. فالبويضات الأكبر سنًا غالبًا ما تعاني من المزيد من الطفرات الجينية؛ ما يمكن أن يؤثر على تطوير الجنين بعد التخصيب. وهذا يرفع من خطر حدوث الإجهاض.
بعد سن السابعة والثلاثين، تتغير بيئة الجهاز التناسلي، حيث تتراجع جودة البويضات، وتبدأ التغيرات في مستويات الهرمونات مثل هرمون التحفيز الجريبي (FSH) وهرمون مضاد مولر (AMH) في التأثير سلبًا على فرص الحمل.
رغم هذه التحديات، تشير بعض الدراسات إلى وجود فوائد للحمل بعد الأربعين. أظهرت دراسة مراقبة أن الأطفال الذين يولدون لأمهات أكبر سنًا يظهرون صحة وتطورًا أفضل في السنوات الخمس الأولى من حياتهم.
فهؤلاء الأطفال تعرضوا لإصابات أقل، وحققوا معدلات أعلى من التحصين، بالإضافة إلى تطور اجتماعي ولغوي متفوق.
كما أن الأمهات الأكبر سنًا غالبًا ما يتحلين بصبر أكبر؛ ما يمنح الأطفال المزيد من الاهتمام والرعاية. وعادة ما يتمتع هؤلاء الأباء باستقرار عاطفي ومالي أكبر؛ ما يسهم في خلق بيئة أكثر صحة ونموًا للأطفال.
مع تزايد عدد النساء اللواتي يحاولن الإنجاب بعد الأربعين، زاد أيضًا الاعتماد على تقنيات الإنجاب المساعدة. حيث تشير الدراسات إلى أنه بحلول عام 2100، قد يتمكن 400 مليون شخص حول العالم من التلقيح عبر تقنيات الإنجاب المساعدة.
لكن هذه الأساليب ليست دائمًا مضمونة، حيث تنخفض نسبة نجاح عمليات التلقيح الاصطناعي مع تقدم سن المرأة. على سبيل المثال، تصل نسبة نجاح عمليات التلقيح الاصطناعي إلى 40% تقريبًا لدى النساء دون سن الخامسة والثلاثين، ولكنها تتراجع إلى 12% عند النساء من سن 41 إلى 42 عامًا.
إذا كنتِ فوق سن الأربعين وترغبين في الحمل، فإن الحديث مع طبيبك حول خياراتك هو خطوة حاسمة قبل البدء في المحاولة.
من المهم أن تتعاوني مع فريق الرعاية الصحية الخاص بك، وتفهمي جسمك وإحصائيات المخاطر المرتبطة بالحمل في هذا العمر.
ستساعدك هذه المعرفة على اتخاذ قرارات ذكية لتحقيق حمل صحي وولادة آمنة قبل الوصول إلى مرحلة انقطاع الطمث.
وختامًا، يعد الحمل بعد سن الأربعين قرارًا مهمًا يتطلب التفكير الجيد والتخطيط. فبينما توجد تحديات، توجد أيضًا فرص للاستمتاع بتجربة الأمومة في مرحلة من الحياة تكون فيها الأمهات غالبًا أكثر نضجًا واستقرارًا.