توصل باحثون في مايو كلينك إلى اكتشاف علمي بارز يتعلق بعلاج السرطان باستخدام بالخلايا التائية، وتمكنوا من تحديد سبب رئيس لفشل هذا النوع من العلاج لدى بعض المرضى، ما يفتح المجال لتطوير علاجات أكثر فاعلية.
تمكن باحثو مايو كلينك من استكشاف الأسس الجزيئية للسرطان وكشف سبب جديد لفشل مستقبلات المستضد الخيمرية (العلاج بالخلايا التائية) لدى بعض المرضى.
يعزز هذا الاكتشاف إمكانية وضع إستراتيجيات جديدة تجمع بين الأجسام المضادة وتعديل الجينات، ما قد يُحسن نتائج هذا العلاج المتقدم.
ونُشر البحث الذي أجراه سعد كينديريان، استشاري طب الدمويات في مايو كلينك، في مجلة نيتشر كوميونيكيشنز (Nature Communications).
يقول الدكتور كينديريان، كبير الباحثين، إن هذا التطور مثير للغاية، ويمنح أملًا جديدًا للتغلب على التحديات التي تواجه العلاج بالخلايا التائية المستقبلة للمستضدات الخيمرية لدى كثير من مرضى السرطان.
ويشير الدكتور إلى أنه، وللمرة الأولى، تمكّن الباحثون من شرح العملية التي تسبب مقاومة الخلايا التائية المستقبلة للمستضدات الخيمرية وفشلها، التي تحدث داخل بروتين تُنتجه الخلايا المُهندسة بشكل روتيني.
في هذه الدراسة، اكتشف الباحثون أن السبب الرئيس لإنهاك الخلايا التائية هو إنتاج كميات كبيرة من بروتين يسمى "الإنترلوكين-4"، على الرغم من الدور المهم لهذا البروتين في الجهاز المناعي، فإن إنتاجه بكميات مفرطة يؤدي إلى إرهاق الخلايا التائية.
على الرغم من نجاح العلاج بالخلايا التائية المستقبلة للمستضدات الخيمرية في بعض الحالات، فإنه لا يزال يواجه تحديات، من أبرزها "إنهاك الخلايا التائية"، يعني هذا أنه بعد مدة من الزمن، تفقد الخلايا التائية قدرتها على محاربة السرطان، ما يتيح له فرصة العودة.
هذا العلاج، الذي يُعدُّ ناشئًا في معالجة سرطانات الدم، يمكن أن يحقق نتائج ملحوظة، مثل تحقيق حالة هدوء كاملة في بعض حالات ابيضاض الدم (لُوكيميا) ولمفومة الخلايا البائية.
في سعيهم لإيجاد حلول جديدة، حلل فريق الدكتور كينديريان خلايا تائية مستقبلة للمستضدات الخيمرية من مرضى قبل الحقن، ثم قارنوا بين بيانات المرضى الذين أظهروا استجابة جيدة للعلاج، وأولئك الذين لم ينجح علاجهم.
ودرس الفريق كيفية تأثير الخلايا التائية على اللمفومة وابيضاض الدم والأورام النقوية المتعددة في فئران المختبر، مع مقارنة نتائج الفئران التي استجابت للعلاج بتلك التي لم تستجب.
ووجد الفريق مستويات مرتفعة من بروتين إنترلوكين-4 في العينات البشرية وفئران المختبر المصابة بإنهاك الخلايا التائية، يُعدُّ الإنترلوكين-4 بروتينًا ينظم الالتهاب والمناعة، إذ يعمل محفزًا لتنشيط جهاز المناعة ضد السرطان، ولكن بكميات معتدلة، ووجدت الدراسة أن الخلايا التائية المستقبلة للمستضدات الخيمرية قد تنتج أحيانًا كميات مفرطة من هذا البروتين، ما يسهم في إنهاكها.
استخدم فريق الباحثين تقنية تعديل الجينات المعروفة باسم كريسبر لاستكشاف الوظائف والتفاعلات الجينية في علاج الخلايا التائية المستقبلة للمستضدات الخيمرية، كانت هذه التقنية أداة رئيسة في تحديد فرط بروتين الإنترلوكين-4 في الخلايا التائية التي تعاني خللًا وظيفيًّا.
تعدُّ تقنية كريسبر بمنزلة "مقص جزيئي" يمكنه قطع الجينات وتعديلها بدقة، في هذه الدراسة، استخدم الباحثون هذه الأداة لتعطيل أو تعديل بروتين الإنترلوكين-4 الذي يسهم في الخلل الوظيفي للخلايا التائية المستقبلة للمستضدات الخيمرية.
يقول الدكتور كينديريان: بعد تطبيق تقنية كريسبر لإزالة الإنترلوكين-4 من الخلايا، لاحظ فريقنا تحسنًا ملحوظًا في قدرة هذه الخلايا على التعرف على السرطان وتدميره.
واختبر الباحثون الأجسام المضادة وحيدة النسيلة لتعطيل الإنترلوكين-4 أو تحييده، ما ساعد على تجديد قدرة الخلايا التائية المستقبلة للمستضدات الخيمرية على محاربة السرطان بفاعلية أكبر.
تظل الحاجة قائمة لإجراء أبحاث إضافية للتحقق من نتائج هذه الدراسة، البيانات التي جُمِعَت قد تضع حجر الأساس للتجارب السريرية الأولى على المرضى من مايو كلينك الذين يعانون إنهاك الخلايا التائية المستقبلة للمستضدات الخيمرية.
مُوِّلَت الدراسة جزئيًّا من قبل شركة Kite، إحدى شركات Gilead، ومركز مايو كلينك للطب الفردي، ومركز مايو كلينك الشامل للسرطان، ومركز مايو كلينك للعلاجات الحيوية التجديدية، ومعاهد الصحة الوطنية، ومنحة وزارة الدفاع، وشراكة مينيسوتا للتكنولوجيا الحيوية والطب الجينومي، ومؤسسة بريدولين. لمزيد من التفاصيل حول المؤلفين والإفصاحات والتمويل، يُرجى مراجعة الورقة البحثية.