يمثل الحمل بالنسبة للعديد من النساء فترةً ملؤها السعادة والتوقعات الجميلة، إلا أن هذه المرحلة قد تترافق، لدى البعض، بارتفاع مستويات التوتر والقلق، مما قد يؤدي إلى الاكتئاب.
تُشير الإحصاءات إلى أن نحو 9% من النساء يعانين من اكتئاب شديد خلال الحمل، والذي يُعرف بالاكتئاب السابق للولادة أو الاكتئاب الحملي، ويتجاوز هذا الشعور بالضغط العادي الذي قد يصاحب فترة الحمل.
يُعتبر الاكتئاب الحملي جزءاً من مفهوم أوسع يُعرف بالاكتئاب المحيطي، والذي يشمل الاكتئاب الذي قد يُصيب المرأة قبل الولادة وخلال فترة ما بعد الولادة.
هذا النوع من الاكتئاب هو اضطراب في المزاج، حيث تُعاني المرأة من مشاعر مستمرة من الحزن وفقدان الاهتمام بالنشاطات التي كانت تُسعدها سابقاً.
قد تزداد خطورة إصابة المرأة بالاكتئاب خلال الحمل في حال وجود بعض العوامل المؤثرة، ومنها:
النساء اللواتي يعانين من الاكتئاب أو لديهن أفراد من العائلة يعانون من هذا المرض قد يكنّ أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب الحملي.
أثناء الحمل، تتغير مستويات الهرمونات بشكل كبير. وقد تتجاوز هذه التغيرات المستويات المعتادة لدى بعض النساء، مما يؤثر على صحتهن النفسية.
يُمكن للتوتر الذي يرافق التحضير لاستقبال مولود جديد أن يكون سبباً إضافياً للاكتئاب.
تواجه بعض النساء صعوبة في الحصول على الدعم من الأسرة أو الأصدقاء خلال الحمل، مما يُعزز من فرص الإصابة بالاكتئاب.
الحمل غير المخطط له قد يكون مصدراً إضافياً للقلق والتوتر، الأمر الذي يُزيد من احتمالية حدوث الاكتئاب.
تختلف أعراض الاكتئاب خلال الحمل بين النساء، لكن غالباً ما يمكن تصنيفها إلى عدة فئات:
الحزن المستمر أو الشعور باليأس، إضافةً إلى ازدياد القلق الذي قد لا يتلاشى دون علاج. وقد يصعب أحياناً تمييز هذه الأعراض عن التغيرات العاطفية الطبيعية المصاحبة للحمل.
يُمكن أن تؤدي أعراض الاكتئاب إلى شعور دائم بالتعب أو الخمول يتجاوز التعب الطبيعي للحمل. كذلك، يمكن أن يؤثر الاكتئاب على عادات الأكل والنوم والرعاية الشخصية، مما قد يُضعف صحة الأم.
تتجلى هذه الأعراض في الانسحاب الاجتماعي وفقدان الاهتمام بالنشاطات التي كانت مفضلة من قبل.
يمكن للاكتئاب غير المعالج أن يؤثر سلباً على كل من الأم وجنينها. حيث قد تتأثر عادات العناية الذاتية لدى المرأة المكتئبة، مثل زيارات الطبيب الدورية، والنظام الغذائي السليم، والنوم الكافي.
وقد يُسفر هذا عن مخاطر تتعلق بنمو الجنين، مثل الولادة المبكرة أو انخفاض وزن المولود عند الولادة.
إضافةً إلى ذلك، فإن النساء اللاتي يعانين من الاكتئاب يكنّ أكثر عرضة للإصابة باضطرابات تعاطي المواد الضارة، مما يزيد من احتمالية التعرض لمشاكل مثل متلازمة موت الرضع المفاجئ ومتلازمة الامتناع الوليدي.
على الرغم من أن الاكتئاب أثناء الحمل يمكن أن يؤثر بشكل كبير، فإن التعرف المبكر عليه واتخاذ التدابير الوقائية قد يُحسن من حالة الأم ويُساهم في حماية الجنين. تشمل هذه التدابير:
يُنصح بأن يقوم مقدمو الرعاية الصحية بإجراء فحوصات واختبارات مبكرة للنساء الحوامل، مما يسهم في الكشف المبكر عن أعراض الاكتئاب.
كذلك، قد توفر برامج التثقيف حول الاكتئاب للأسر والمجتمع معرفة واسعة حول الاكتئاب وكيفية دعمه للمرأة الحامل.
من المهم للنساء الحوامل اتباع نظام غذائي صحي، والنوم الكافي، وممارسة النشاطات البدنية المناسبة. كما يُنصح بممارسة تقنيات التأمل واليوغا للتقليل من التوتر.
تتعدد الخيارات العلاجية للاكتئاب خلال الحمل، وقد تتطلب تعاوناً من مقدمي رعاية صحية مختلفين. بعض الخيارات تشمل:
في حالات معينة، يمكن استخدام مضادات الاكتئاب لعلاج الأعراض، ورغم أن تأثيرها على صحة الجنين يعتبر منخفضاً، إلا أن استشارة الطبيب أمر ضروري قبل البدء أو التوقف عن أي دواء.
ممارسة التمارين بانتظام والتغذية الجيدة قد تُساعد في تحسين المزاج. يمكن للنساء الحوامل العمل مع مقدمي الرعاية لتطوير برنامج رياضي آمن.
قد تساعد تقنيات الاسترخاء كاليوغا والتنفس العميق على تقليل مشاعر التوتر والقلق، كما يُمكن إضافة هذه الأنشطة لروتين يومي أو خلال فترات التوتر العالي.
يُعد العلاج النفسي، سواء عبر الإنترنت أو الجلسات الشخصية، خياراً فعّالاً للتعامل مع الاكتئاب، خاصةً للنساء اللواتي يجدن صعوبة في الالتزام بجلسات العلاج المنتظمة.
إن التعرف المبكر على أعراض الاكتئاب واتباع سبل العلاج الصحيحة يمكن أن يحسن من جودة حياة الأم ويُحافظ على صحة الجنين.