تُعد اضطرابات نظم القلب من القضايا الصحية الخطيرة التي تهدد حياة الكثيرين، ولطالما كانت العلاجات التقليدية، مثل: الاستئصال بالقسطرة، هي الخيار الأول.
لكن في السنوات الأخيرة، بدأت مايو كلينك تجربة نهج مبتكر يستخدم العلاج بأشعة البروتون، الذي يُعتبر تقنيّة جديدة واعدة لعلاج اضطرابات القلب، وخاصة تسرع القلب البطيني.
تسرع القلب البطيني هو اضطراب ينشأ في البطينين؛ ما يؤدي إلى تسارع نبضات القلب بشكل غير طبيعي، حيث قد تصل إلى 200 نبضة في الدقيقة، في حين أن النبض الطبيعي يتراوح بين 60 إلى 100 نبضة.
يُعاني مرضى تسرع القلب البطيني من أعراض واضحة مثل الدوخة والإغماء، وفي بعض الحالات، قد يؤدي إلى وفاة مفاجئة.
كان روجر تومسن، الذي تعرض لهذا الاضطراب في عمر 69 عامًا، واحدًا من هؤلاء المرضى الذين سارعوا لطلب العلاج بعد تعرضه لنوبة
تُعتبر عملية الاستئصال بالقسطرة، التي تعتمد على استخدام طاقة حرارية لإحداث ندبات صغيرة في الأنسجة القلبية، من العلاجات الشائعة لتسرع القلب البطيني.
ومع ذلك، قد لا تكون هذه الطريقة فعّالة للجميع، حيث تعرض روجر لعدة إجراءات استئصال لم تُعالج حالته بشكل كامل. وهذا ما دفعه للبحث عن خيارات جديدة، ليجد نفسه بعد عامين في تجربة سريرية تهدف إلى استخدام العلاج بأشعة البروتون.
يُعتبر العلاج بأشعة البروتون نوعًا فريدًا من الإشعاع، حيث تُوجه جسيمات مشحونة إلى الأنسجة المستهدفة بفاعلية عالية.
يتيح هذا النوع من العلاج توصيل الطاقة إلى العمق دون التأثير على الأنسجة المحيطة، وهو ما يُعد إنجازًا كبيرًا في مجال العلاج الإشعاعي.
وفقًا للدكتور كينيث ميريل، اختصاصي أشعة الأورام في مايو كلينك، فإن هذا النوع من العلاج يُجنب المرضى الآثار الجانبية السلبية المرتبطة بالعلاجات التقليدية.
وعلى عكس الاستئصال بالقسطرة، فإن العلاج بأشعة البروتون يُعتبر إجراءً سهلًا، حيث لا يتطلب تخديرًا ولا يستلزم بقاء المريض في المستشفى لفترات طويلة. وحيث يتمكن المرضى من العودة إلى منازلهم في اليوم ذاته بعد نحو 30 دقيقة إلى ساعة من العلاج.
وقد أثبتت التجارب الأولية أن روجر لم يعان أيَّ نوبات قلبية بعد العلاج، ما يُظهر فاعلية هذه التقنية.
تُعد النتائج الأولية من تجربة مايو كلينك مشجعة للغاية، حيث يمكن أن تُحدث هذه الطريقة ثورة في علاج اضطرابات نظم القلب، وخصوصًا تسرع القلب البطيني.
ورغم أن الأبحاث لا تزال في مراحلها الأولى، فإن الدكتور سيونتيس وفريقه متحمسون بشأن إمكانية استخدام العلاج بأشعة البروتون كجزء من مجموعة أدوات العلاج المتاحة لمرضى القلب.
في ختام هذا التقرير، يظهر أن هناك مستقبلًا واعدًا لعلاج اضطرابات القلب بطرق جديدة ومبتكرة. ومع استمرار الأبحاث والتجارب السريرية، قد تتاح الفرصة للعديد من المرضى للحصول على علاج أكثر فاعلية وأمانًا،؛ ما يمنحهم أملًا جديدًا في مواجهة هذا التحدي الصحي.
إن العلاج بأشعة البروتون يُعتبر خطوة متقدمة في علاج اضطرابات نظم القلب، ويُعطي الأمل لمرضى تسرع القلب البطيني بفرصة لعلاج فعال وآمن.
بفضل الابتكارات المستمرة في الطب، من الممكن أن نرى تحولات جذرية في كيفية التعامل مع هذه الحالة الخطيرة في المستقبل القريب.