تُعتبر الدوخة، الصداع، التشوش الذهني، الإرهاق، ضبابية الرؤية، والحساسية للضوء من الأعراض الشائعة للارتجاج.
لكن حتى بعد زوال هذه الأعراض وعودة المصاب إلى حياته الطبيعية، قد تبدأ آثار أخرى بالظهور، مثل الطنين المستمر في الأذنين، الحساسية للضوضاء، وصعوبات في السمع، وهي مشكلات غالبًا ما يتم إغفالها.
يُعدّ الارتجاج شكلًا خفيفًا من إصابات الدماغ الرضحية، وعادةً ما يحدث نتيجة التعرض لضربة على الرأس. قد يؤثر هذا النوع من الإصابات على خلايا الدماغ، بما في ذلك تلك المسؤولة عن السمع؛ ما يؤدي إلى تغييرات قد تكون مؤقتة أو دائمة.
يمكن أن يعاني الأطفال والبالغون من مشكلات سمعية بعد الارتجاج، خاصة في الحالات الناتجة عن السقوط، الحوادث المرورية، أو ممارسة الرياضات التي تنطوي على احتكاك جسدي.
الرياضيون وأفراد القوات المسلحة أكثر عرضة لهذا النوع من الإصابات بسبب طبيعة أنشطتهم.
تحتوي الأذن الداخلية على شعيرات سمعية دقيقة تلعب دورًا أساسيًا في نقل الاهتزازات الصوتية إلى إشارات كهربائية يتم معالجتها في الدماغ. يمكن تشبيه هذه الشعيرات بأعشاب رقيقة، تعود بعضها إلى وضعها الطبيعي بعد تعرضها للضغط، بينما يظل بعضها الآخر متهتكًا وغير قادر على أداء وظيفته. عندما تتضرر هذه الشعيرات نتيجة الارتجاج، فإنها لا تنمو مجددًا؛ ما قد يؤدي إلى طنين الأذن، فقدان السمع، أو الحساسية المفرطة للأصوات.
يعتمد الدماغ على الإشارات العصبية لفهم الأصوات من حولنا، لكن إصابة هذه المسارات العصبية قد تجعل من الصعب على المصاب تمييز الكلام، خاصة في الأماكن الصاخبة.
أظهرت الدراسات أن الرياضيين الذين تعرضوا لارتجاج في السابق واجهوا صعوبة في فهم العبارات المنطوقة عند وجود ضوضاء في الخلفية. كما أشارت اختبارات أخرى إلى أن بعض المصابين بالارتجاج يعانون من حساسية مفرطة تجاه الأصوات أو يجدون صعوبة في معالجة الكلمات السريعة.
يمكن أن يحدث الارتجاج في أي عمر نتيجة السقوط، أو ممارسة رياضات مثل كرة السلة، كرة القدم، التزلج، وركوب الدراجات، أو بسبب حوادث السيارات. بعد تعرض الطفل أو البالغ لإصابة في الرأس، من المهم الانتباه إلى أي شكاوى تتعلق بالدوخة، طنين الأذن، أو ضعف السمع، حتى لو بدت الأعراض غير مرتبطة بالارتجاج مباشرة.
قد تؤثر مشكلات السمع أيضًا على التركيز والأداء المدرسي لدى الأطفال، لذا يجب متابعة أي تغييرات في قدرتهم على التعلم أو الانتباه بعد التعرض لإصابة.
في حال الاشتباه بوجود مشكلات في السمع بعد الإصابة بارتجاج، يُنصح بمراجعة اختصاصي أنف وأذن وحنجرة لإجراء فحص شامل والتأكد من عدم وجود مشكلات أخرى قد تؤثر على السمع.
كما يمكن لأخصائي السمع تقديم اختبارات متخصصة لتقييم السمع والتوازن، بالإضافة إلى اقتراح استراتيجيات للتعامل مع الأعراض، مثل استخدام معينات سمعية في الحالات الشديدة أو تطبيقات خاصة لتحسين معالجة الأصوات.
الوعي بهذه التأثيرات غير المتوقعة للارتجاج يمكن أن يساعد في اتخاذ خطوات مبكرة للتعامل معها؛ ما يضمن تحسين جودة الحياة للمصابين.