معظم النساء سمعن بشعار" Strong independent women" وربما تأثرن به، ليكون سعيهن في الحياة أن يكن نساء قويات ومستقلات، وهو أمر محمود بحد ذاته، فالمرأة التي تستطيع أن تكون من يرعى نفسها هي امرأة قادرة على تجاوز أصعب الظروف.
لكن ذلك الشعار أرهق الكثير منهن مؤخرًا، فضجت صفحات التواصل الاجتماعي للعديد من النساء ذوات المكانة العالية يعترفن بتعبهن من كونهن مستقلات وقويات، ويرغبن في حياة الدلال، حيث يأخذن دور من يتلقى الرعاية.
في هذا الموضوع نسلط الضوء على تأثيرات الرغبة الزائدة في الاستقلال وكيف تؤدي إلى الاستنزاف، كما سنقدم نصائح هامة بشأن التوازن بين كونك امرأة مستقلة، وكونك أنثى تحتاج إلى رعاية وراحة أكثر.
لطالما كن النساء القويات رمزًا للصمود، ولكن نادرًا ما يُطرح السؤال: ما الذي صنع هذه القوة؟ في كثير من الأحيان، لا تأتي الاستقلالية المطلقة كنتيجة لاختيار شخصي، بل كرد فعل على تجارب قاسية شكلت شخصية المرأة منذ الصغر، فحين تجد فتاة صغيرة نفسها في عالم لا يوفر لها الحماية، أو تشعر أن الاعتماد على الآخرين لن يؤدي إلا إلى خيبات الأمل، فإنها تنمو وهي تضع الاستقلالية كأولوية قصوى، لا كخيار بل كضرورة.
فالتجارب المؤلمة، سواء في الطفولة، أم في مراحل لاحقة من الحياة، قد تدفع المرأة إلى تبني نمط حياة يعتمد على القوة المطلقة. لكنها مع مرور الوقت قد تكتشف أن هذه القوة التي كانت فخرًا لها أصبحت عبئًا يُثقل كاهلها.
في عالم يُمجد الاستقلالية، تُصوَّر المرأة القوية على أنها أيقونة للنجاح، قادرة على مواجهة الحياة بمفردها دون الحاجة إلى أحد، لكن خلف هذا الوهج، هناك جانب آخر لا يُناقش كثيرًا: الإرهاق العاطفي والنفسي الذي يصاحب هذه الاستقلالية المطلقة، فأن تكوني قوية طوال الوقت قد يكون عبئًا ثقيلًا، يستنزف الطاقة ويتركك وحيدة في مواجهة التحديات.
الاستقلالية في جوهرها أمر إيجابي، لكنها حين تتحول إلى نمط حياة صارم لا يسمح بالراحة، أو تقبل المساعدة، تصبح مرهقة. الكثير من النساء المستقلات نشأن في بيئات فرضت عليهن تحمل المسؤوليات مبكرًا، فتعوّدن الاكتفاء الذاتي حتى أصبح ضعفهن أو احتياجهن للآخرين أمرًا غير مقبول لديهن.
فهذا النمط من الحياة يعني العمل المستمر، حمل الأعباء العاطفية والمادية، وعدم القدرة على طلب المساعدة حتى عند الحاجة الملحّة، والنتيجة؟ إنهاك جسدي ونفسي، وشعور متزايد بالوحدة، بل وقد يؤدي ذلك إلى العزلة الاجتماعية والتوتر المزمن.
لا يعني البحث عن التوازن التخلي عن القوة أو الاستقلالية، بل هو إدراك أن الاستقلال لا يعني العزلة، وأن القوة الحقيقية تكمن في معرفة متى يجب حمل العبء؟ ومتى يجب السماح للآخرين بالمشاركة. إليكِ بعض النصائح العملية لتحقيق هذا التوازن:
القوة لا تعني دائمًا المواجهة المستمرة أو رفض الدعم، بل القدرة على معرفة متى تحتاجين إلى الراحة والاستعانة بالآخرين.
طلب العون لا يعني الضعف، بل هو جزء من الذكاء العاطفي والإدراك بأننا جميعًا نحتاج إلى شبكة دعم قوية.
لا يمكن للمرأة أن تستمر في العطاء، دون أن تمنح نفسها فرصة للاستراحة والتجدد.
لا يجب أن تشعري بالذنب إذا قررتِ التوقف للحظة، أو إذا احتجتِ إلى دعم من الآخرين.
تكوين شبكة من الأصدقاء أو العائلة أو الزملاء الذين يمكن الاعتماد عليهم عند الحاجة يخفف الكثير من الضغوط.
أن تكوني امرأة مستقلة لا يعني أن تحملي الأعباء كلها بمفردكِ، فالتوازن بين الاستقلالية وتقبل الدعم هو المفتاح لحياة أكثر راحة وصحة. امنحي نفسكِ الفرصة لتكوني قوية، ولكن دون استنزاف، مستقلة ولكن متصلة، ناجحة ولكن دون أن يكون ذلك على حساب صحتكِ النفسية والجسدية.