يعيش معظم الناس في دوامة من الركض للحاق بالوقت، والوصول لأكبر قدر ممكن من الإنجازات، بحثًا عن حياة الأحلام، وبينما هم يركضون يشتكون طوال الوقت من سرعة مرور الزمن.
ورغم أن عدد الساعات هي نفسها لدى الجميع، إلا أن البعض يحصل على ما يُسمى اصطلاحًا "بالبركة في وقته" بينما يعاني آخرون من ضيق الوقت وعدم كفايته للإيفاء بكل متطلبات الحياة.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا، لماذا يعاني هؤلاء من ضيق الوقت، بينما يبدو الوقت عند الآخرين وكأنه يتمدد ويتباطأ.
في هذا الموضوع نتناول هذا المفهوم وما هي الأشياء التي تؤثر على شعورنا بالوقت.
إحساسنا بالزمن يختلف من شخص لآخر، وهو لا يعتمد على مرور الوقت ذاته، بل على طريقة إدراكنا له. الأطفال، على سبيل المثال، يعيشون الزمن بشكل مختلف تمامًا، حيث يرون اللحظات المثيرة أطول من تلك الهادئة، بينما نجد أن الكبار يشعرون بالعكس، وهو ما يعكس اختلافًا في كيفية معالجتهم للمعلومات.
أدمغة الأطفال أكثر قدرة على تسجيل اللحظات المليئة بالتجارب؛ ما يجعلها تبدو أطول، بينما مع تقدمنا في العمر، يصبح نظامنا العصبي أكثر تعقيدًا، ويقلّ معدل معالجة المعلومات؛ ما يجعلنا نشعر بتسارع الوقت.
أحد الأسباب الأخرى لذلك هو نظرية النسبة الزمنية، حيث إن كل عام يمثّل نسبة أكبر من حياة الطفل مقارنة بشخص بالغ؛ ما يجعل السنوات تتقلص بمرور الوقت.
في النهاية، السر في إبطاء الزمن يكمن في عيش اللحظات بحواسنا كاملة وتقدير التغييرات والتجارب التي نمر بها.
الخبر الجيد هو أن هناك طرقًا فعالة لإبطاء إحساسنا بتسارع الزمن. المفتاح حسب مقال منشور في جريدة النهار يكمن في التركيز على الحاضر والانغماس الكامل في اللحظة.
جرّب أن تكون حاضرًا بالكامل في اللحظة. اشعر بنبضات قلبك، وراقب أنفاسك وهي تدخل وتخرج. فقد أظهرت دراسة أجراها عالم النفس آدم أندرسون أن إدراكنا للزمن قد يكون مرتبطًا بطول دقات قلبنا. يمكنك تجربة تمرين بسيط: قم بضبط ساعة توقيت، وأغلق عينيك، وركّز على تنفسك لمدة تعتقد أنها دقيقة واحدة. ثم تحقّق من الوقت لترى مدى دقة إحساسك.
يمكنك استخدام التنفس العميق لتهدئة ضربات قلبك؛ ما يساعد على إبطاء إحساسك بالزمن. فكلما كانت دقات قلبك أبطأ، شعرت بأن الوقت يمضي ببطء أكثر.
تذكر كيف كنت ترى العالم وأنت طفل. كل شيء كان جديدًا ومثيرًا. حاول أن تستعيد هذا الشعور من خلال ملاحظة التفاصيل الصغيرة حولك، سواء كان نسيج الورقة في يدك أو لون السماء عند الغروب. كلما زادت دهشتك من العالم، شعرت بأن الوقت يتمدّد.
جرّب توثيق لحظاتك من خلال الكتابة أو التصوير. كلما زادت الذكريات التي تخلقها، شعرت بأن حياتك مليئة بالتجارب؛ ما يجعل الزمن يبدو أبطأ.
التأمل هو أداة فعالة لزيادة وعيك باللحظة الحالية. عندما تركز على الآن، يتوقف عقلك عن القفز بين الماضي والمستقبل؛ ما يمنحك إحساسًا أعمق بالزمن.
وفي الختام، فإن الوقت هو الكنز الحقيقي الذي يمتلكه كل شخص منا، وكيفية إدارة الوقت أو الشعور به يحدد مدى استمتاعنا بالحياة التي نعيشها أم لا، لذلك فإن التعامل مع الوقت بشكل أهدأ وأبطأ قد يجعل منه صديقًا لك أكثر منه عدوًا.