تُعد الغيرة بين الأشقاء من المشاعر الطبيعية التي قد يواجهها الأطفال في الأسر التي تضم أكثر من طفل.
وعلى الرغم من أن هذه الغيرة غالبًا ما يُنظر إليها كعاطفة سلبية، إلا أن الخبراء يعتبرونها جزءًا من نمو الأطفال النفسي والاجتماعي.
ففي مراحل معينة من النمو، قد يشعر الطفل بأنَّ الحب والاهتمام والموارد العائلية ليست موزعة بالتساوي؛ ما يثير لديه مشاعر الغيرة.
في هذا المقال، نقدم لكِ تغطية شاملة حول موضوع الغيرة بين الأطفال، مع الإجابة على جميع الأسئلة التي قد تدور في ذهنكِ بشأن هذا الشعور وكيفية التعامل معه.
تشير الدراسات إلى أنَّ الغيرة بين الأشقاء تبدأ في الظهور بشكل أكثر وضوحًا خلال الفترة العمرية بين 2 و 6 سنوات، وهي مرحلة يشعر فيها الطفل بزيادة استقلاليته وبداية القدرة على التعبير عن نفسه. وفي هذه المرحلة، تزداد أيضًا المنافسة بين الأشقاء، حيث يبدأ كل منهم في السعي إلى لفت الانتباه وتحقيق التفوق على الآخر.
تتنوع مظاهر الغيرة بين الأشقاء، ويمكن أن تختلف من طفل لآخر. ولكن هناك بعض الأعراض الشائعة التي قد تساعد في التعرف على هذه المشاعر:
الطفل الذي يشعر بالغيرة قد يبذل جهدًا أكبر للحصول على المزيد من الاهتمام، مثل التحدث المستمر أو إحداث المشاكل.
قد تزداد المنافسة بين الأشقاء في الألعاب أو الأنشطة الأخرى، حيث يحاول كل منهم أن يتفوق على الآخر.
قد يترجم الطفل مشاعر الغيرة إلى سلوك عدواني تجاه الشخص الذي يشعر بالغيرة منه.
مشاعر الغيرة قد تؤثر في تقدير الطفل لذاته؛ ما يجعله يشعر بعدم الثقة.
بعض الأطفال يختارون تجنب التواصل مع الأخ الذي يشعرون بالغيرة منه.
في بعض الحالات، قد تتحول الغيرة المزمنة إلى مشاعر اكتئاب أو قلق.
قد يستخدم الطفل الغيور سلوكيات تلاعب للحصول على ما يريد، مثل محاولة إقناع الوالدين بالتفضيل لصالحه.
رغم أن الغيرة بين الأشقاء قد تكون جزءًا طبيعيًا من تطورهم النفسي، إلا أن التعامل معها بشكل مناسب يعد أمرًا ضروريًا للحفاظ على علاقة صحية داخل الأسرة. وهناك عدة استراتيجيات يمكن أن تساعد الوالدين في إدارة هذه المشاعر:
من المهم أن يدرك الوالدان أن مشاعر الغيرة ليست أمرًا خاطئًا، بل هي جزء من نمو الطفل العاطفي. تعليم الأطفال كيفية التعامل مع هذه المشاعر يمكن أن يساعدهم في تجاوزها.
يجب أن يتأكد الوالدان من توزيع انتباههم بشكل عادل بين الأطفال. لكل طفل احتياجاته الخاصة، ومن المهم تخصيص وقت لكل منهم على حدة.
يجب أن يُظهر الوالدان سلوكيات إيجابية مثل التعاون والمودة بين الأشقاء؛ ما يقلل من مشاعر الغيرة.
من المهم أن يحترم الأطفال مساحات بعضهم البعض وخصوصياتهم. هذا يساعد في تقليل الصراعات والمشاعر السلبية.
يجب على الوالدين الاستماع إلى مشاعر الأطفال وفهمها، وتقديم الدعم اللازم لهم للتعامل مع مشاعر الغيرة.
يمكن تخصيص وقت فردي لكل طفل لتعزيز الروابط الخاصة بينهم وتقليل شعورهم بالغيرة من بعضهم البعض.
من غير الممكن القضاء تمامًا على مشاعر الغيرة بين الأشقاء، ولكن يمكن تقليل هذه المشاعر من خلال تطبيق الاستراتيجيات السابقة.
الأهم هو تعليم الأطفال كيفية بناء علاقات صحية مع إخوتهم وتعليمهم التعبير عن مشاعرهم بطرق إيجابية؛ ما يساعدهم على التعايش في بيئة محبة وآمنة.
وفي الختام، إن الغيرة بين الأشقاء هي جزء طبيعي من نموهم العاطفي والاجتماعي، ولا يمكن تجنبها بالكامل. لكن من خلال التفاهم والتعامل الحكيم مع هذه المشاعر، يمكن تقليل تأثيرها وتعزيز العلاقات الإيجابية بين الإخوة. من المهم أن تظل الأسرة مكانًا للدعم والحب، وأن يساهم الوالدان في تعليم أبنائهم كيفية التعامل مع مشاعرهم بطريقة صحية ومؤثرة.