لا شك أن سؤال الطفل عن "متى سأحصل على أخ أو أخت؟" يمكن أن يكون لحظة مؤثرة بالنسبة للآباء.
فالأطفال، بحكم طبيعتهم الفضولية، قد يعبرون في مراحل مختلفة من حياتهم عن رغبتهم في وجود شقيق يشاركهم اللعب والحديث.
هذا الأمر قد يبدو بسيطًا في ظاهره، ولكنه يعكس مشاعر عميقة ورغبات إنسانية بالارتباط والمشاركة.
غالبًا ما يبدأ الطفل بمقارنة عائلته بأسر أصدقائه أو تلك التي يشاهدها في وسائل الإعلام. بالنسبة لبعض الأطفال، يتجاوز الأمر مجرد فضول ليصبح رغبة حقيقية تتكرر على مر السنوات.
تُشير ميشيل هاريس، خبيرة العلاج الأسري، إلى أن الأطفال الذين يتوقون لوجود أشقاء غالبًا ما يظهرون هذا الاحتياج بطرق مختلفة حسب أعمارهم. فالطفل الصغير قد يشعر بالحيرة بسبب اختلاف حجم أسرته عن الآخرين، في حين قد يحلم الطفل الأكبر بسندٍ أو شريكٍ في مغامراته اليومية، وقد يتمنى المراهق وجود شخص يمكنه التحدث إليه بخصوص مشاعره.
عندما يُعبر الطفل عن حزنه لعدم وجود شقيق، يشعر الآباء أحيانًا بعدم اليقين حول كيفية التعامل مع هذه المشاعر. لكن الخبراء يؤكدون أن بإمكان الآباء معالجة هذا الأمر باستخدام إستراتيجيات مشابهة لتلك التي تُستخدم لمساعدة الأطفال في تجاوز أي خيبة أمل كبيرة.
من المهم أن يشعر الطفل بأنه مسموع ومفهوم. يمكن للآباء استخدام عبارات مثل: "أعلم أنك ترغب بشدة في الحصول على أخ أو أخت. أفهم كم هو صعب ألا نحصل دائمًا على ما نتمناه". هذا النوع من التفاعل يُظهر للطفل أن مشاعره طبيعية ومُقدرة.
قد يطرح الطفل أسئلة تتعلق بسبب عدم وجود شقيق. وهنا يُفضل تقديم إجابات بسيطة تتناسب مع عمره. تقول الدكتورة ماجافي: "عندما لا يفهم الطفل السبب، قد يعتقد أن الأمر يتعلق به شخصيًا، لذا من الضروري طمأنته وتوضيح الأمور بعبارات مناسبة".
غالبًا ما تكون رغبة الطفل في وجود شقيق نابعة من حاجة غير معلنة. على سبيل المثال، قد يبحث عن صديق يشاركه ألعابه، أو يشعر بحاجة إلى مزيد من التقارب مع العائلة. إذا فهم الآباء هذه الاحتياجات، يمكنهم العمل على تلبيتها بطرق أخرى. قد تشمل الخيارات:
من المهم أن يكون الآباء صادقين مع أطفالهم إذا كانوا متأكدين من عدم رغبتهم في توسيع الأسرة. بدلاً من منح الطفل أملًا زائفًا، يمكن التركيز على مميزات العائلة كما هي. تقول الدكتورة ماجافي: "يمكن للآباء تسليط الضوء على الوقت والجودة التي يتمتع بها الطفل مع والديه كجزء من عائلة صغيرة".
يمكن للآباء تقديم أدوات لمساعدة الطفل في تجاوز مشاعر الحزن، مثل الرسم، أو الكتابة، أو ممارسة الرياضة. هذه الأنشطة تُساعد الأطفال على التعبير عن مشاعرهم بطرق صحية وإيجابية.
في بعض الأحيان، قد يكون تكرار الطفل لطلبه عبئًا عاطفيًا على الوالدين، خاصة إذا كانوا هم أنفسهم يشعرون بالحزن لعدم القدرة على إنجاب طفل آخر. لذلك، من الجيد وضع حدود بلطف، مثل القول: "لقد تحدثنا عن هذا الموضوع من قبل، هل تذكر ما قلته لك؟".
وكخلاصة، على الرغم من التحديات التي قد تواجهها العائلات الصغيرة، فإن التركيز على بناء ذكريات جميلة وتعزيز الروابط مع الطفل الوحيد يمكن أن يخلق بيئة أسرية غنية ومليئة بالحب. كما أن مساعدة الطفل على فهم واقعه وتجاوز مشاعر خيبة الأمل تُعد خطوة مهمة في تعليمه كيفية التعامل مع تحديات الحياة. السعادة لا تُقاس بعدد أفراد العائلة، بل بنوعية العلاقات التي تجمع بينهم.