شخصيات الأطفال تختلف من طفل لآخر، ولا يمكننا تطبيق المبادئ نفسها أو الطرق التربوية على الأطفال جميعهم بالطريقة نفسها، فآلية الاستجابة تختلف أيضًا باختلاف شخصياتهم.
وكما يوجد بالفطرة أطفال اجتماعيون، ومحبون للتواصل والأحضان والأحاديث غير المنتهية، هناك أطفال آخرون يفضلون كتم مشاعرهم وإخفائها وعدم مشاركتها مع الأم.
إذا كان لديك طفل كتوم، فمن المؤكد أنك تعيشين في دوامة البحث عن ما يزعجه أو يترك أثرًا نفسيًا عميقًا لديه، ومهما حاولت التقرب منه أو فهم دواخله، صُددت وقوبلت بالرفض مع عبارة "أنا بخير".
في هذا الموضوع نسلط الضوء على الأسباب التي تجعل بعض الأطفال كتومين، وطرق للتعامل معهم.
يُقال إن الطفولة هي عالم من البراءة والوضوح، لكنك قد تتفاجئين أحيانًا عندما تلاحظين أن طفلك يتصرف بسرية، أو يخفي عنك بعض الأمور. قد تتساءلين: لماذا يتجنب الحديث معي؟ ولماذا أشعر أنه يخفي عني شيئًا؟ قبل أن تلجئي إلى البحث في أغراضه، أو تفكري في قراءة مذكراته، من الأفضل أن تفهمي الأسباب الحقيقية وراء هذه السرية.
يمكن أن تكون السرية إيجابية عندما تمنح الطفل مساحة لاستكشاف مشاعره وأفكاره دون ضغط، لكنها قد تصبح سلبية إذا كان يخفي أمورًا مؤذية، أو يشعر بالقلق والخجل من كشفها. أحيانًا، تكون الأسرار التي يحتفظ بها الأطفال بسيطة، مثل إعجابهم بشخص معين أو رغبتهم في الانضمام إلى نادٍ خاص، لكن في بعض الحالات، قد تشير السرية والكتمان إلى مشكلات أعمق تحتاج إلى الانتباه.
إذا لاحظت تغيرات في سلوك طفلك، فقد يكون ذلك مؤشرًا على أن هناك ما يقلقه، بعض العلامات التي تستحق المتابعة:
إذا كان لديك طفل كتوم، وتعتقدين أن السبب راجع لمشكلات مؤقتة، إليك طرق للتعامل:
هناك مقولة شهيرة: "الآباء الصارمون يربّون أطفالًا بارعين في الكذب" إذا كنت تتبعين نهجًا صارمًا في التربية، فقد يدفع ذلك طفلك إلى إخفاء الأمور عنك خوفًا من العقاب أو النقد، من الأفضل أن توفري بيئة آمنة يشعر فيها طفلك بأنه يستطيع التحدث معك دون خوف.
جميعنا كنا أطفالًا يومًا ما، ونعلم جيدًا كيف كنا نرغب في إبقاء بعض الأمور طي الكتمان، لا تتعاملي مع أسرار طفلك وكأنها خيانة شخصية، بل حاولي تفهم دوافعه. أحيانًا، تكون السرية مجرد وسيلة طبيعية لبناء الاستقلالية وتعزيز الهوية الشخصية.
إذا كنتِ من النوع الذي يتجنب مشاركة المعلومات مع طفلك، فلا تتوقعي منه أن يفعل العكس، كُوني قدوة له في الانفتاح والثقة، لكن دون الإفراط في مشاركة أمور قد لا تكون مناسبة لسنه.
حين يثق طفلك بك، ويقرر البوح بأمر مهم، لا تقابليه بالغضب أو اللوم، إذا شعر أنه سيتم معاقبته على صدقه، فسيفضل إخفاء الأمور مستقبلًا بدلًا من ذلك، استمعي إليه بصدر رحب، وحاولي مساعدته على إيجاد الحلول.
خلق بيئة يشعر فيها الطفل بالأمان النفسي هو المفتاح الأساسي لبناء علاقة قائمة على الثقة، شجّعيه على الحديث من خلال التفاعل معه يوميًا، وإظهار اهتمامك بحياته، دون أن تبدي متطفلة.
في بعض الحالات، قد يكون التدخل ضروريًا، خاصة إذا لاحظت أن سرية طفلك مرتبطة بسلوكيات خطيرة مثل تعاطي المواد الضارة، أو التعرض للتنمر، أو الوقوع في علاقات غير صحية. هنا، يجب أن تتحدثي معه بأسلوب داعم ومتفهم، وتطمئنيه بأن هدفك هو مساعدته وليس معاقبته.
كخلاصة ختامية، قد تحتاجين إلى بعض الوقت حتى يشعر طفلك بالراحة لمشاركة تفاصيل حياته معك، لكن بناء علاقة قائمة على الثقة والاحترام المتبادل سيجعل الأمر أسهل. كوني دائمًا حاضرة لدعمه دون إصدار الأحكام، وستجدين أن الأبواب التي أغلقت أمامك قد تبدأ في الانفتاح تدريجيًا.