أم

هل أنتِ أم جيّدة.. ما هو المقياس الحقيقي؟

منوعات
إيمان بونقطة
22 أكتوبر 2024,7:42 ص

في عصر تتوفر فيه المعلومات بشكل كبير، وتسهل فيه المقارنات بسبب مواقع التواصل الاجتماعي وكيفية ظهور بعض الأمهات من خلالها، يسهل على كل أم الوقوع في فخ الشعور بالذنب، والبحث عن كل معلومة تعتقد أنها تحتاجها لتكون أماً جيدة.

لكن السؤال الذي تطرحه الكثير من الأمهات وترغب أن تجد له إجابة واضحة وصريحة، هو؛ هل أنا أم جيدة؟ هل ما أقدمه لأطفالي فعلاً كاف؟

f04b6992-9b4a-4cea-9538-757fb9f02631

في هذا المقال سنسلط الضوء على جانب المشاعر التي تشعر بها الأم غالبًا، من ناحية علمية ومن ناحية مجتمعية.

أسباب ومصادر شعور الأم بأنها غير جديرة

الشعور بأن ما نقدمه كأمهات غير كافٍ نابع من رغبة الأم المٌحبة بالأفضل لطفلها، ولهذا هي تشعر دائمًا بالرغبة في تقديم المزيد، وهو شعور طبيعي إلا أن يصل لحد الهوس وجلد الذات وعدم الاكتفاء بما تقدمه، حينها يصبح مرضيًا ويجب التعامل معه بطريقة واعية ومنتبهة.

الأمر الآخر الذي يجعل الأم تشعر وكأنها لا تقدم بما فيه الكفاية هو المقارنات مع أمهات آخرين، ورغبة إرضاء مقاييس المجتمع، حيث ترى آمي توتور طبيبة التوليد المدربة في جامعة هارفرد، ومؤلفة كتاب Push Back: Guilt in the Age of Natural Parenting والتي رسالتها الأساسية هي تمكين النساء من إعطاء الأولوية لصحتهن وسعادتهن دون الاستسلام لضغوط المجتمع في أن يكنَّ "أمهات مثاليات".

ترى آمي أن معظم الأمهات يقعن ضحية هذا الشعور، ويقمن بقياس مدى نجاحهن كأمهات بمدى ما يرونه من الآخرين، وأن تصرفات الأمهات أحيانا تنبع من الرغبة بإرضاء المجتمع حتى لا يقوم بالحكم عليها بأنها أم مهملة، وهنا تقع ضحية ملاحقة رأي محطم لها كأم.

أخبار ذات صلة

كيف تصبحين أمًا أفضل؟ أفكار من الدكتورة شيفالي تساباري

 

لماذا نرغب بالمثالية؟

من الطبيعي أن نرغب بالتطور وأن نكون أفضل في كل شيء، في عملنا، في حياتنا العاطفية، في علاقاتنا، وحتى في أمومتنا، لكن ملاحقة المثالية أمر مَرضيّ مهما كان الهدف الذي تلاحقينه، ويأتي شعور الرغبة في تحقيق المثالية بسبب عدم الثقة بالنفس، والشعور بصغر النفس، ومقارنتها بغيرها.

وهناك دراسة قدمتها American Psychological Association عن ملاحقة الأشخاص للمثالية امتدت لأكثر من 25 سنة من البحث والتحليل، وخلصت إلى أن السبب عائد لثلاثة عوامل رئيسة:

المثالية الموجهة اجتماعيًا

تشير الدراسة إلى أن المثالية غالبًا ما تكون نتيجة توقعات المجتمع المفرطة. هذا النوع من المثالية، المعروف باسم "المثالية الموصوفة اجتماعيًا"، يرتبط بشعور الفرد بأنه يجب عليه تلبية توقعات الآخرين أو المجتمع ليشعر بالقبول. مثل هذه الضغوط يمكن أن تؤدي إلى شعور دائم بعدم الرضا عن الذات والقلق بشأن الفشل​

انعدام الثقة بالنفس

الدراسات أيضًا تربط بين المثالية وانعدام الثقة بالنفس، حيث يجد الأفراد صعوبة في تقييم أنفسهم بشكل إيجابي إذا لم يتمكنوا من الوصول إلى المعايير العالية التي يضعونها لأنفسهم أو التي يعتقدون أن المجتمع يتوقعها منهم. هذا التداخل بين النقد الذاتي والمثالية يمكن أن يؤدي إلى دوامة من الشك الذاتي والإرهاق النفسي​.

التأثيرات الثقافية والاجتماعية

الضغط المجتمعي لتحقيق النجاح والتفوق قد ازداد بشكل ملحوظ في العقود الأخيرة. الأبحاث تشير إلى أن المجتمعات المعاصرة تضع قيمة كبيرة على الإنجازات الشخصية والمظهر الخارجي؛ مما يزيد من الضغط على الأفراد لتحقيق "الكمال" في كل جوانب حياتهم​.

هذه العوامل النفسية والاجتماعية تساعد في تفسير سبب شعور الكثيرين بالرغبة المستمرة في إرضاء المجتمع والسعي إلى المثالية، وما يترتب عليه من انعدام الثقة في قدراتهم ومساهماتهم، وهذا بدوره يؤثر على الأم ورغبتها في أن تكون أمًا مثالية، متطلعة إلى بعض الشخصيات "المنقوصة المعلومات" عبر مواقع التواصل الاجتماعي، التي تظهر باستمرار مدى اهتمامها بأطفالها.

55bba1c1-7b06-4c07-a409-25a59a447351

النصائح التربوية التي لا تنتهي

تشعر الأم بالإحباط أيضًا عندما تستمع بشكل مكثف لنصائح لا تنتهي عن طرق التربية الإيجابية التي عليها أن تتبعها، وعن تأثير انهياراتها العصبية أو إهمالها غير المقصود على تربية أطفالها، وهو شيء محمود أن تتعلم الأم بشكل متوازن كيف يمكنها تربية أطفالها بشكل صحي وآمن.

لكن بعض الأمهات يتجهن لمسار تأنيب الضمير لأنهن لا يستطعن تطبيق كل ما يُقال، ولأنهن غالبًا ما ينهرن أمام التحديات مع أطفالهن فيعلين أصواتهن، لتدخل في دائرة غير منتهية من الإحباطات وجلد الذات.

إذن ما الحل؟

حينما تركز الأمهات على البحث عن الجواب النهائي لنوع الأم التي يتوجب عليها أن تكون، تنسى صوت أطفالها بجانبها الذي يخبرها بكل براءة صادقة بأنها أم جيدة "ياماما وأنا أحبك"، أغلب الأمهات لا تكتفي بهذا الصوت، وترغب بمزيد من التصفيق والربت على الأكتاف لمجهوداتها الجبارة مع أطفالها.

بينما أطفالها أنفسهم مقدرون لتلك المجهودات عبر كل طلب يُظهر احتياجهم لها، وكل فرحة عندما تٌقدم لهم شيئًا جديدًا، أو حتى غضب عندما تتصرف معهم بطريقة مسيئة أحيانًا.

ما نحاول قوله من خلال هذه السطور هو أن تثقي بحدسك وبصوت طفلك وتتجنبي تلك المقارنات والملاحقات التي تُدخلك في دوامات لا نهائية، وتركزي على كل لحظة مع أطفالك، فغدًا سوف يكبرون سريعًا ولن تجدي ذلك الجواب إلا منهم.

أخبار ذات صلة

6 نصائح لكل أم عاملة تشعر بالذنب تجاه أطفالها

 

google-banner
foochia-logo