لطالما قيل إن الصحة الجسدية تؤثر على الصحة النفسية، ولكن العلاقة بين هشاشة العظام والاكتئاب تلقي ضوءاً جديداً على هذا الترابط.
هشاشة العظام، التي تصيب العظام وتجعلها ضعيفة وهشة، لا تقتصر تأثيراتها على الجسد فقط، بل تمتد إلى الصحة النفسية، وبذلك يخوض المريض تحديات معقدة خصوصاً للنساء بعد انقطاع الطمث.
تشير الدراسات إلى أن الأشخاص المصابين بهشاشة العظام أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب مقارنةً بغيرهم. على سبيل المثال، أظهرت دراسة أجريت عام 2022 أن 86.9% من المشاركين المصابين بهشاشة العظام يعانون من الاكتئاب، مقارنة بنسبة 15.4% فقط من الأفراد الذين لا يعانون منها.
تصف البروفيسورة ديبورا ت. غولد، الخبيرة في العلاقة بين هشاشة العظام والاكتئاب، كيف أن الكسور الناتجة عن هشاشة العظام تؤدي إلى تقييد الحركة والشعور بالعجز، مما يزيد من احتمالية الإصابة بالاكتئاب.
هذه القيود تجعل المرضى يشعرون بأنهم "أكبر سناً" وأقل قدرة على التحكم في حياتهم، وهذا يخلق إحساساً عميقاً بالعجز النفسي.
العلاقة بين هشاشة العظام والاكتئاب ليست باتجاه واحد فقط. فكما يمكن أن تؤدي هشاشة العظام إلى الاكتئاب، يمكن للاكتئاب أيضاً أن يزيد من خطر الإصابة بهشاشة العظام.
الاكتئاب يؤدي إلى زيادة مستويات الكورتيزول، هرمون التوتر، الذي يؤثر سلباً على كثافة العظام. إضافةً إلى ذلك، بعض أدوية الاكتئاب، مثل مثبطات استرداد السيروتونين (SSRIs)، ترتبط بفقدان كثافة العظام وزيادة خطر الكسور. عوامل أخرى، مثل التدخين ونمط الحياة غير النشط وسوء التغذية، تسهم أيضاً في تفاقم كلتا الحالتين.
تعد النساء بعد انقطاع الطمث أكثر الفئات عرضة للإصابة بهشاشة العظام، بسبب الانخفاض الحاد في هرمون الإستروجين الذي يلعب دوراً محورياً في الحفاظ على كثافة العظام. إضافةً إلى ذلك، فإن التقلبات في مستويات الإستروجين خلال مرحلة ما قبل انقطاع الطمث تؤثر على الحالة المزاجية ومستويات السيروتونين، ما يزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب.
سواء كنتِ تعانين من هشاشة العظام أم الاكتئاب، من المهم أن تعملي على اتخاذ خطوات وقائية وعلاجية للحفاظ على صحتك. من أبرز الخطوات:
تناولي كميات كافية من الكالسيوم وفيتامين د، إذ يحتاج الجسم إلى فيتامين د لامتصاص الكالسيوم.
ركزي على التمارين الحاملة للوزن، مثل المشي والرقص، لتعزيز صحة العظام والعضلات.
تجنب هذه العادات يحسن صحة العظام والمزاج.
إذا أوصى الطبيب بعلاجات لهشاشة العظام، التزمي بها لتحسين كثافة العظام.
تفاعلاتك الاجتماعية تقلل من خطر الاكتئاب، وتعزز جودة حياتك.
اتخاذ تدابير بسيطة لمنع السقوط، مثل تثبيت السجاد وتجنب الأسطح الزلقة.
ينبغي التعامل مع هشاشة العظام والاكتئاب كحالتين منفصلتين، مع ضرورة استشارة الأطباء المتخصصين لكل حالة. يمكن أن يساعد فحص كثافة العظام (DEXA) في تحديد مدى ضعف العظام، بينما تساعد اختبارات الاكتئاب في الكشف عن أي تغيرات في الحالة النفسية.
تختتم غولد قائلة: "إن مسؤولية العناية بالصحة تقع أولاً وأخيراً على عاتق المرأة نفسها. إذا لم تبادر النساء بالاهتمام بصحتهن ومشكلاتهن، فلن يقوم بذلك أحد نيابة عنهن".
العناية بالصحة الجسدية والنفسية ليست مجرد خيار، بل ضرورة للحفاظ على جودة الحياة وتجنب مضاعفات يمكن أن تكون مؤلمة على المستويين الجسدي والنفسي.