يعد تسوس الأسنان إحدى المشاكل الصحية التي تطفو على السطح خلال فترة الحمل، وهي ذاتها الفترة التي تعاني خلالها الحامل من مشاكل عديدة تتعلق بصحة الفم والأسنان.
وقد لا تدرك كثيرات أن صحة الأسنان في أثناء الحمل مهمة للحامل والجنين، فهي تعد جزءاً مهماً من رعاية ما قبل الولادة، نظراً لأن مشاكل الفم في أثناء الحمل تؤدي إلى نتائج صحية سيئة للأم والطفل.
أيضاً تتمثل إحدى طرق منع تسوس الأسنان عند الصغار في تحسين صحة الفم لدى النساء الحوامل، خصوصاً أن الحمل قد يجعل النساء أكثر عرضة لأمراض اللثة وتسوس الأسنان.
هناك علاقة بين الحمل وتسوس الأسنان؛ إذ تؤثر هرمونات الحمل على صحة الأسنان، وتزيد خطر الإصابة بأمراض اللثة وتسوس الأسنان ومشاكل الفم الأخرى.
وفي حين أن التغيرات الهرمونية قد تؤدي إلى حساسية اللثة والتهابها، فإن التغيرات في اللعاب والعادات الغذائية يمكن أن تزيد من خطر تسوس الأسنان.
وعدّد موقع medparkhospital بعض عوامل الخطر المحتملة لضعف صحة الفم لدى الحوامل وإصابتهن بتسوس الأسنان، بما في ذلك:
في أثناء الحمل، يمكن أن تؤدي التقلبات في الهرمونات الأنثوية مثل الإستروجين والبروجسترون إلى إضعاف جهاز المناعة. كما أن هذا التحول الهرموني يعزز انتشار مجموعات معينة من البكتيريا الفموية؛ ما يساهم في مشاكل تسوس الأسنان لدى النساء الحوامل.
قد يؤدي الحمل إلى حالة تعرف باسم جفاف الفم؛ إذ يحتوي اللعاب البشري بشكل طبيعي على خصائص مضادة للميكروبات، لذا فإن انخفاض إنتاج اللعاب يزيد من نمو البكتيريا المسؤولة عن مشاكل الفم والأسنان.
يقلل ضعف جهاز المناعة أيضاً من إنتاج اللعاب، كما يقلل جفاف الفم من قدرة الجسم على مكافحة البكتيريا. وقد حددت الأبحاث بكتيريا بريفوتيلا إنترميديا باعتبارها البكتيريا السائدة التي تزدهر في تجويف الفم لدى النساء الحوامل، وربطتها بشكل خاص بالتهاب دواعم الأسنان. وتُظهِر هذه البكتيريا زيادة في النمو بمقدار 55 ضعفاً لدى النساء الحوامل مقارنة بالنساء غير الحوامل.
يؤدي الغثيان الصباحي والقيء، إلى أن يكون تجويف الفم حمضياً باستمرار بسبب محتويات المعدة؛ ما يخلق بيئة مواتية لنمو البكتيريا الفموية.
قد يمنع الغثيان الصباحي أيضاً الأمهات من تنظيف أسنانهن؛ لأنه يمكن أن يؤدي إلى القيء؛ ما يؤدي إلى ممارسات نظافة الفم غير الكافية وارتفاع خطر الإصابة بتسوس الأسنان والتهاب اللثة.
بالطبع، فإن السيدة الحامل التي تعاني مشكلة تسوس الأسنان يمكنها نقل البكتيريا المسببة لتسوس الأسنان إلى طفلها في أثناء الحمل وبعد الولادة.
وشرح موقع marchofdimes موجهاً حديثه للنساء الحوامل: يزيد الحمل من احتمالية إصابتك بتسوس الأسنان، ويمكنك نقل البكتيريا المسببة لتسوس الأسنان إلى طفلك في أثناء الحمل وبعد الولادة، وقد يتسبب هذا في حدوث مشاكل لطفلك في وقت لاحق من حياته.
وتشير الأبحاث إلى وجود صلة بين صحة الفم ونتائج الحمل؛ إذ ترتبط صحة الفم السيئة، مثل أمراض اللثة ومشاكل الأسنان غير المعالجة، بالولادة المبكرة وانخفاض الوزن عند الولادة ومرض السكري الحملي.
يعتبر علاج الأسنان آمناً بشكل عام في أثناء الحمل، ولكن يجب اتخاذ بعض الاحتياطات لضمان سلامة الأم والطفل. وبشكل عام يمكن إجراء علاج الأسنان الروتيني، مثل التنظيف والحشوات، في أي وقت في أثناء الحمل.
ووفقاً للكلية الأمريكية لأطباء التوليد وجمعية طب الأسنان الأمريكية، فإن الحصول على حشوة في أثناء الحمل آمن تماماً وموصى به، لكن يفضل تجنب استخدام التي تحتوي على الزئبق، كونه قد يشكل خطراً ضئيلاً جداً على الطفل.
وتحتوي حشوات الملغم التقليدية على كمية صغيرة من الزئبق، وعلى الرغم من عدم وجود دليل قاطع على الضرر الناجم عن ملغم الأسنان، إلا أن العديد من أطباء الأسنان يفضلون استخدام بدائل خالية من الزئبق، مثل حشوات الراتنج المركب، في أثناء الحمل.
في البداية من المهم معرفة أن "رعاية صحة الفم، بما في ذلك إجراء صور الأشعة السينية للأسنان وإعطائها تخديراً موضعياً، آمنة في أي وقت في أثناء الحمل"، وفقاً لجمعية طب الأسنان الأمريكية.
وتتفق جمعية طب الأسنان الأمريكية والكلية الأمريكية لأطباء التوليد وأمراض النساء (ACOG) على أن "العلاجات الطارئة، مثل عمليات الخلع أو علاج قنوات الجذر أو الترميم أو الحشو (لعلاج التسوس)، يمكن إجراؤها بأمان في أثناء الحمل، وأن تأخير العلاج قد يؤدي إلى مشاكل أكثر تعقيداً".
أيضاً من المهم إدراك أن علاج مشكلة تسوس الأسنان في أثناء الحمل ضروري جداً للحفاظ على الصحة الفموية؛ إذ يمكن أن يؤدي تسوس الأسنان وأمراض اللثة غير المعالجة إلى الإصابة بالعدوى؛ ما قد يشكل خطراً عليك وعلى طفلك.
بالنسبة لخيارات العلاج فهي مماثلة لتلك المتاحة للنساء غير الحوامل، وتعتمد على شدة التسوس وطبيعة الحالة، ومن ثم فإن الطبيب المعالج فقط من يحدد طبيعة العلاج.
وتشمل العلاجات الآمنة في أثناء الحمل الأدوية، مثل مسكنات الألم والمضادات الحيوية لعلاج الالتهابات.
ونصحت جمعية الحمل الأمريكية الحوامل عند علاج تسوس الأسنان بإخبار الطبيب المعالج لتكون كمية التخدير المقدمة أقل ما يمكن، موضحة أن الطبيب قد يصف المضادات الحيوية مثل البنسلين والأموكسيسيلين والكليندامايسين، والتي تصنف ضمن "الفئة ب" للسلامة في أثناء الحمل.
تعتمد طرق الوقاية من تسوس الأسنان للحامل على تبني سلوكيات صحية، حتى يمكنها الحفاظ على صحتها وتحسينها، وتتضمن:
التغذية مهمة جداً في أثناء الحمل. لذا تأكدي من تضمين الأطعمة التي تحتوي على الكالسيوم وفيتامين د في نظامك الغذائي.
يمكن أن تؤدي تغيرات الهرمونات إلى تسوس الأسنان وإيلام اللثة أو تورمها أو نزيفها. لذا يساعد تنظيف أسنانك بالفرشاة وخيط الأسنان يومياً في الحفاظ عليها بصحة جيدة.
تحدث مشاكل الأسنان، خصوصاً تسوس الأسنان أو التجاويف، بسبب تناول الوجبات الخفيفة، لذا حاولي مقاومة رغبتك في تناول الوجبات الخفيفة أو اختاري الأطعمة المغذية لك ولطفلك، مثل الفواكه والخضراوات النيئة أو الزبادي أو الجبن.
من الآمن والمهم زيارة طبيب الأسنان في أثناء الحمل لمتابعة حالة الفم وتجنب حدوث مشاكل طارئة، خصوصاً أن بعض النساء تصاب بما يعرف بـ"ورم الحمل" على اللثة.
وتورم اللثة عبارة عن نتوء غير مؤلم على اللثة يمكن أن يكون وردياً أو أحمر أو أرجوانياً، ولا يسبب عادة مشاكل، ولكن عليك زيارة طبيب الأسنان إذا لاحظت وجود نتوءات أو تورمات.
وختاماً، فإنه من الضروري الالتزام بتنظيف الأسنان بالفرشاة والخيط يومياً، واتباع نظام غذائي صحي، بالإضافة إلى زيارة طبيب الأسنان بانتظام لإجراء الفحوصات والعلاجات الوقائية. الحفاظ على صحة الفم في أثناء الحمل ليس فقط ضرورة لصحة الأم، بل يساهم أيضاً في تعزيز صحة الجنين بشكل غير مباشر.