رغم أن مشروب "الحليب الذهبي" يُعتبر من أبرز المشروبات الصحية الرائجة حالياً، إلا أن جذوره تعود إلى آلاف السنين في الطب الهندي التقليدي المعروف بـ"الأيورفيدا". هذا المشروب الدافئ والمغذي، الذي يجمع بين الحليب والعسل والكركم، لم يكن مجرد وصفة لذيذة فحسب، بل كان يُستخدم كمنشّط للجسم والعقل.
يتكوّن هذا المشروب ببساطة من الحليب، والعسل، والكركم. وبينما يعرف الكثيرون فوائد الحليب والعسل، بدأ تسليط الضوء في السنوات الأخيرة على الكركم، خصوصاً لما له من خصائص مضادة للالتهاب وتأثير إيجابي في المزاج وصحة الدماغ. في الطبين الهندي والصيني، استُخدم الكركم لقرون كعلاج طبيعي، إضافةً إلى كونه أحد التوابل الأساسية.
توضح اختصاصية التغذية نغم طنّوس لـ"النهار" أن الحليب الحيواني غني بالكالسيوم وفيتامين "د"، ويسهم في تجديد خلايا الجسم وتعزيز قوة العضلات، ويتفوق من حيث القيمة الغذائية على بدائله النباتية.
أما الكركم، فله تأثير قوي في محاربة الالتهابات والأكسدة، ويساعد على تحسين المزاج والذاكرة من خلال تحفيز إفراز مواد تدعم صحة الدماغ. كما أشارت دراسات إلى دوره في تخفيف آلام المفاصل، والحد من نمو الأورام، والحفاظ على صحة القلب والشرايين.
العسل بدوره يقدّم فوائد مضادة للأكسدة والبكتيريا والفيروسات، كما يعزز المناعة ويخفف أعراض الزكام والسعال. لكن من المهم استخدامه في حرارة معتدلة للحفاظ على قيمته الغذائية.
عند دمج هذه المكونات الثلاثة، نحصل على مشروب يسهم في تقوية المناعة، والاسترخاء، ومقاومة نزلات البرد، والتخفيف من الالتهابات، وتحسين الهضم، وتقوية العظام، والعناية بالبشرة. فهو يساعد على تأخير ظهور علامات الشيخوخة بفضل خصائصه المضادة للأكسدة.
وأشارت دراسة بعنوان Phenolics and polyphenolics in foods, beverages and spices إلى أن مضادات الأكسدة الموجودة في التوابل والأطعمة تلعب دوراً مهماً في حماية الخلايا من التلف.
وأثبتت دراسة بعنوان " Phenolics and polyphenolics in foods, beverages and spices: Antioxidant activity and health effects – A review" أنّ مضادات الأكسدة الموجودة في الأطعمة والتوابل لها تأثير إيجابي في تقليل تلف الخلايا.
كما أظهرت أبحاث أن الكركم يرفع مستويات السيروتونين والدوبامين؛ ما ينعكس إيجاباً على المزاج، وقد يسهم في علاج بعض حالات الاكتئاب من خلال تأثيره في مستويات عامل التغذية العصبية المشتق من الدماغ (BDNF).
تلفت طنّوس إلى أن الكركم والعسل هما المكونان الأساسيان في الحليب الذهبي، بينما قد يؤدي الحليب نفسه، خصوصاً الأنواع الخالية من الدسم، إلى زيادة الالتهابات أو ظهور حب الشباب لدى بعض الأشخاص.
وتنصح باختيار الحليب كامل الدسم أو قليل الدسم لتعزيز امتصاص الكركم، كونه يذوب في الدهون. أما من يعانون من عدم تحمّل اللاكتوز، فيمكنهم استخدام حليب خالٍ من اللاكتوز أو حليب الماعز، الذي يحتوي على بروتينات أسهل للهضم. كذلك، يمكن للنباتيين استخدام حليب نباتي مثل اللوز أو جوز الهند.
أما الكمية التي يُفضَّل عدم تخطّيها يومياً من المشروب الذهبي، فتقول طنّوس إنّ الناس يشربون عادة كوباً واحداً من الحليب يومياً، وهو كافٍ مع ملعقة عسل صغيرة وربع أو نصف ملعقة من الكركم، قبل النوم.