يشبه تفسير أزمة منتصف العمر، وكأنك تعيشين مشهدا من فيلم تحول من ألوان نابضة بالحياة إلى ظلال باهتة من الأبيض والأسود.
وبعد أن كان كل شيء بالأمس مليئا بالبهجة والحيوية، تجدين نفسكِ في اليوم التالي في أرض رمادية، حيث كل شيء يبدو ساكنا ومجهدا.
قد تثير هذه التحولات تساؤلات عميقة: هل ما تشعرين به هو مجرد إرهاق عابر؟ أم أنه اكتئاب يحاول التسلل إلى يومك؟ هل يمكن أن يكون صدى التغيرات البيولوجية التي تأتي مع تقدم العمر، مثل بداية انقطاع الطمث؟ أم أن هذه المشاعر ببساطة جزء طبيعي من عملية الانتقال بين مراحل الحياة؟
الدكتورة ديبورا ويذرسبون، في مراجعتها المنشورة على موقع Healthline، تشير إلى أن أزمة منتصف العمر ليست حالة طبية رسمية، لكنها ظاهرة يتحدث عنها الكثيرون.
وتوضح أن ما يسمى "أزمة منتصف العمر" هو فترة شائعة بين عمر 40 و60 عاما تتميز غالبا بالتوتر والتفكير العميق في الحياة.
وفقا للدكتورة ديبورا، أظهرت دراسات طويلة الأمد أن حوالي 26% فقط من الأمريكيين أبلغوا عن مرورهم بهذه التجربة.
ومع ذلك، يُلاحظ نمط متكرر في مستويات السعادة؛ حيث تصل إلى أدنى نقطة خلال منتصف العمر ثم تبدأ بالارتفاع مرة أخرى مع التقدم في العمر؛ ما يجعل المنحنى يشبه شكل حرف U.
كما أن هناك اختلافات بين الجنسين، مع وجود تأثيرات متنوعة تتعلق بتجارب الحياة وتوقعاتها.
وفقا للدكتورة ديبورا، أزمة منتصف العمر لدى النساء قد تظهر في صور مختلفة، مثل البكاء عند توديع الأبناء المتوجهين للجامعة، أو فقدان الحافز في العمل، أو القلق بشأن تحقيق الأحلام التي لم تتحقق.
وقد تتجلى أيضًا في الأرق بسبب المخاوف المالية، أو التحديات مثل الطلاق، أو الإرهاق الناتج عن رعاية الآخرين، أو التغيرات الجسدية غير المألوفة.
تتمثل أسباب أزمة منتصف العمر للنساء بـما يأتي:
في أثناء فترة ما قبل انقطاع الطمث وانقطاع الطمث، يمكن أن تتسبب التغيرات الهرمونية في ظهور المشكلة أو المساهمة فيها.
ووفقا لأطباء مايو كلينك، يمكن لانخفاض مستويات هرموني الإستروجين والبروجسترون أن يؤثر على نومك، ويجعل مزاجك متقلبا، ويقلل من مستويات طاقتك.
كما قد يتسبب انقطاع الطمث بفقدان الذاكرة، والقلق، وزيادة الوزن، وانخفاض الاهتمام بالأشياء التي كنتِ تستمتعين بها.
بحلول منتصف العمر، من المحتمل أنكِ قد مررتِ ببعض الصدمات أو الخسائر. وفاة أحد أفراد الأسرة، تغيير كبير في هويتك، الطلاق، سوء المعاملة الجسدية أو العاطفية، التمييز، فقدان الخصوبة، كلها تجارب قد تترككِ بإحساس دائم بالحزن.
مجتمعنا المهووس بالشباب لا يكون دائما لطيفا مع النساء اللواتي يتقدمن في العمر. قد تشعرين، كغيركِ من النساء، أنكِ أصبحتِ غير مرئية بمجرد وصولك إلى منتصف العمر.
ربما تشعرين بالضغط لإخفاء علامات التقدم في السن. قد تكافحين للتوفيق بين رعاية أطفالكِ وآبائكِ المسنين.
وربما تكونين قد اتخذت قرارات صعبة بشأن الأسرة والعمل لم يضطر الرجال في عمرك لاتخاذها. كما أن الطلاق أو فجوة الأجور قد تعني وجود مخاوف مالية مزمنة.
نصائح للتعامل مع أزمة منتصف العمر:
كثير من أعراض أزمة منتصف العمر قد تكون مشابهة للاكتئاب أو اضطرابات القلق أو اختلالات هرمونية.
ويمكن للطبيب أن يوصي بالعلاج بالهرمونات البديلة، أو مضادات الاكتئاب، أو أدوية القلق للتخفيف من الأعراض والمساعدة في تحسين حالتكِ النفسية.
أو يمكنك استشارة معالج نفسي؛ فالعلاج المعرفي، التدريب الحياتي، أو العلاج الجماعي يمكن أن يساعد في معالجة الحزن، القلق، وتحديد خطة لتحقيق رضا أكبر.
والتحدث مع مختص يمكن أن يوفر أدوات للتعامل مع التحديات العاطفية.
النساء اللواتي لديهن صداقات قوية يتمتعن بإحساس أكبر بالرفاهية. والحديث مع صديقاتكِ عن مشاعركِ يمكن أن يخفف من شعور العزلة ويساعدكِ في إدارة ضغوط الحياة.
قضاء بعض الوقت في الهواء الطلق يمكن أن يحسن من حالتكِ المزاجية، ويخفف من التوتر.
حتى دقائق قليلة في الطبيعة كل يوم يمكن أن تحدث فرقا كبيرا في طريقة شعوركِ تجاه الحياة.
تناول الأطعمة الصحية مثل الخضراوات والفواكه، بالإضافة إلى مكملات الميلاتونين والمغنيسيوم يمكن أن يساعد في تحسين النوم وتقليل القلق.
على الرغم من أن "أزمة منتصف العمر" قد تكون فترة صعبة مليئة بالحزن والإرهاق، يمكن التغلب عليها بالدعم الطبي والنفسي والتغذية السليمة.
وفترة الانتقال هذه قد تكون فرصة لإعادة اكتشاف الذات وإحداث تغييرات إيجابية في حياتكِ.