يشهد عالم الطب النفسي تطورًا مهمًا، خاصة بعد موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) على دواء جديد لعلاج الفصام، يحمل اسم "كوبينفي".
ويعتبر هذا الدواء، الذي طورته شركة بريستول مايرز سكويب، يقدم نهجًا علاجيًا مبتكرًا وواعداً لواحد من أشد الأمراض العقلية إعاقة، حسب ما ذكرت صحيفة "ميديكال إكسبريس".
ما يميز "كوبينفي" عن الأدوية التقليدية المضادة للذهان هو آلية عمله الفريدة، إذ تستهدف الأدوية الحالية مستقبلات الدوبامين في الدماغ، فيما يركز هذا الدواء الجديد على المستقبلات الكولينية، والتي تلعب دورًا حيويًا في العديد من الوظائف الحيوية مثل التعلم والذاكرة والتحكم في الحركة.
هذا التوجه الجديد يفتح آفاقًا واسعة لعلاج الأعراض الشاملة للفصام، بما في ذلك تلك التي تتعلق بالوظائف الإدراكية والسلوكية.
في ضوء ذلك قالت تيفاني فارشيوني، وهي مسؤولة كبيرة في إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA)، حول ترخيص الدواء: "يتبع هذا الدواء أول نهج جديد لعلاج الفصام منذ عقود. ويقدم بديلا جديدا للأدوية المضادة للذهان التي وصفت سابقا للأشخاص المصابين بالفصام".
يُعرف الفصام بأنه مرض عقلي خطير يؤثر على نحو واحد من كل 300 شخص في جميع أنحاء العالم، وهو حالة تؤثر في طريقة تفكير الأشخاص وشعورهم وتصرفاتهم.
ويمكن أن يؤدي إلى مزيج من الهلوسة والتوهم والتفكير والسلوك غير المنظم.
يشير الخبراء إلى أن "كوبينفي" قد يمثل نقلة نوعية في علاج الفصام، حيث يوفر خيارًا علاجيًا جديدًا للملايين من الأشخاص الذين يعانون من هذا المرض المزمن.
الأدوية التقليدية، رغم فعاليتها في التحكم في بعض الأعراض، إلا أنها غالبًا ما تفشل في معالجة المشاكل الإدراكية والاجتماعية المصاحبة للفصام. أما "كوبينفي" فيبدو أنه قادر على معالجة هذه الأعراض بشكل أكثر شمولية، مما يحسن بشكل كبير نوعية حياة المرضى.
الدكتورة لينسي بيلزلاند، رئيسة قسم الصحة العقلية في مؤسسة "ويلكوم" الخيرية، تصف هذا الدواء بأنه "يغير القواعد"، خاصة بالنسبة لأولئك الذين لا يستجيبون للعلاجات التقليدية.
على الرغم من الفوائد الواعدة لهذا الدواء، إلا أنه مثل أي دواء آخر، يحمل بعض الآثار الجانبية المحتملة. تشمل هذه الآثار الغثيان والقيء واضطرابات الجهاز الهضمي ومشاكل في الكبد. ومع ذلك، يرى الخبراء أن هذه الآثار الجانبية أقل حدة مقارنة بالأدوية التقليدية، وأن فوائد الدواء تفوق بكثير هذه الآثار.
يعتبر اكتشاف دواء "كوبينفي" خطوة مهمة في مجال الطب النفسي، ويفتح الباب أمام أبحاث جديدة لتطوير علاجات أكثر فعالية وأماناً للأمراض العقلية. كما أنه يعطي الأمل للملايين من الأشخاص المصابين بالفصام وعائلاتهم، حيث يوفر لهم خياراً علاجياً جديداً يحسن نوعية حياتهم بشكل كبير.