في عالم الطب الحديث، يلعب الفحص الطبي دورًا محوريًا في الكشف المبكر عن الأمراض والوقاية منها.
ومن بين هذه الفحوصات، يبرز فحص الكالسيوم التاجي كأداة فعالة لتقييم خطر التعرض لأمراض القلب والسكتة الدماغية.
يُستخدم هذا الفحص لتحديد مدى تكلس الشرايين التاجية، مما يساعد الأطباء على اتخاذ خطوات وقائية مناسبة.
فحص الكالسيوم التاجي هو إجراء تصويري يُجرى باستخدام التصوير المقطعي المحوسب (CT) لقياس كمية الكالسيوم في الشرايين التاجية. يعكس هذا الفحص مدى تصلب الشرايين بسبب تراكم الكوليسترول والمواد الأخرى التي قد تؤدي إلى تضيّق الشرايين.
بحسب الدكتور ريجيس فرنانديز، طبيب القلب في مايو كلينك، يُعتبر هذا الفحص وسيلة لتقييم المخاطر الصحية، حيث يمكنه الكشف عن أمراض القلب قبل ظهور الأعراض، مثل ألم الصدر أو ضيق التنفس.
لا يقتصر دور الكالسيوم على كونه عنصرًا أساسيًا لصحة العظام، بل يُظهر وجوده أيضًا في التراكمات اللويحية التي تتكون في الشرايين. وكلما زادت نسبة الكالسيوم في الشرايين، زادت احتمالية وجود اللويحات؛ ما يرفع من خطر الإصابة بأمراض القلب. ومن ثم، يساعد الفحص على تقييم مستوى التصلب الشرياني؛ ما يعكس صحة القلب والشرايين.
تبدأ عملية فحص الكالسيوم التاجي بإجراء تصوير مقطعي محوسب للصدر، حيث يتم قياس التكلس في الشرايين التي تغذي القلب. يُعتبر هذا الفحص اختبارًا يُجرى مرة واحدة، وغالبًا ما يكون مصحوبًا بسلسلة من صور الأشعة السينية للجسم. إذا أظهر الفحص وجود تكلس، فعادةً ما لا يحتاج المرضى لإعادة الاختبار. لكن إذا لم يُعثر على أي تكلس، فقد يُعيد الأطباء الفحص بعد بضع سنوات لمراقبة التغيرات.
يتطلب تفسير نتائج الفحص أخذ عوامل متعددة بعين الاعتبار، مثل العمر والمرض التاريخي والعوامل الوراثية. يُشار إلى أنه عند دخول الكالسيوم إلى الشرايين، فإنه يميل إلى البقاء هناك، ولكن يمكن تقليل المخاطر عن طريق خفض مستوى الكوليسترول من خلال تغييرات في النظام الغذائي أو استخدام الأدوية المناسبة.
لا يحتاج جميع الأشخاص إلى قياس مستوى الكالسيوم. على سبيل المثال، الأفراد الذين يتناولون أدوية للكوليسترول أو الذين خضعوا لعمليات جراحية، مثل وضع الدعامات أو جراحة مجازة الشريان التاجي، قد لا يحتاجون لهذا الفحص. في هذه الحالات، تم اتخاذ خطوات وقائية كافية للحد من المخاطر.
لكن يجب على الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي لأمراض القلب استشارة أطبائهم حول ما إذا كان ينبغي عليهم إجراء فحص الكالسيوم التاجي. فوجود أقارب من الدرجة الأولى تعرضوا لأزمات قلبية قد يتطلب تقييمًا أكثر دقة للمخاطر، حتى وإن لم يكن مستوى الكوليسترول مرتفعًا.
فحص الكالسيوم التاجي هو أداة مهمة تساعد الأطباء في تقييم صحة القلب والشرايين. من خلال الكشف المبكر عن التكلس، يمكن للفرق الطبية اتخاذ خطوات وقائية فعالة للحفاظ على صحة المرضى. في ظل التطورات الطبية المتواصلة، يبقى التعاون بين الأطباء والمرضى ضروريًا لضمان تحقيق أفضل النتائج الصحية. إن الاهتمام بالصحة القلبية والوعي بعوامل الخطر يمكن أن يُحدث فرقًا كبيرًا في تجنب الأمراض القلبية والسكتات الدماغية.