أساليب ومعايير جديدة من أجل رعاية مرضى السكري

صحة ورشاقة
فوشيا -
6 مارس 2016,4:23 ص

كشفت الإحصائيات الصادرة عن الاتحاد الدولي للسّكري لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أنّ عدد المصابين بداء السّكري في العالم يتجاوز 415 مليون شخص، وأنّ عدد المصابين بهذا المرض في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وحدها يناهز 35,4 مليون مصاب، مع توقّع ارتفاع هذا العدد ليصل إلى 72,1 مليون مصاب بحلول عام 2040.
كما أشارت إحصائيات الاتحاد إلى أنّ عدد حالات الإصابة بمرض السّكري في دولة الإمارات العربية المتحدة تجاوز المليون حالة في عام 2015. وتدل هذه الأرقام والإحصائيات على تزايد معدلات الإصابة بالسّكري، والتي شهدت أيضاً زيادة ملحوظة على مستوى إصابة شريحة الشباب بهذا المرض، وذلك نظراً لتوافر عدّة عوامل تشمل ارتفاع معدلات السّمنة والإجهاد والضغط النفسي، واتباع نمط حياة يخلو من النشاط والحركة.

حالة مرضية خطيرة


وفي هذا السياق، قالت الدكتورة آنا بوراتين، استشارية أمراض الغدد الصماء والسّكري والأمراض الاستقلابية في مستشفى برجيل في أبوظبي: "يعدّ داء السّكري بنوعيه الأول والثاني من الحالات المرضية الخطيرة، وذلك لأنهما يزيدان من احتمال التعرّض لخطر الإصابة بالعديد من المضاعفات الأخرى ابتداءً من أمراض القلب والأوعية الدموية والعمى وأمراض الكلى ووصولاً إلى بتر الأطراف السفلية من الجسم.
ومن هنا تبرز أهمية كلٍّ من الرعاية الصحية المقدّمة للمرضى وأساليب إدارة المرض بوصفهما جزءاً محورياً من عملية علاج السّكري. وفي هذا الإطار، أعلنت الجمعية الأمريكية للسّكري عن إطلاق معايير جديدة في مجال الرعاية الطبية لداء السّكري لعام 2016. وتهدف هذه المعايير والمبادئ التوجيهية إلى مساعدة مُقدّمي خدمات الرعاية الصحية والمتخصصين في هذا المجال على الارتقاء بمستوى كافة خدمات معالجة ورعاية مرضى السّكري. كما أنها تكتسب أهمية خاصة نظراً لدورها في تعزيز قدرات مُقدمي خدمات الرعاية الصحية وإتاحة الفرصة أمامهم للاستفادة بشكل دائم من الأبحاث والخبرات والمعارف العلمية الجديدة في مجال إدارة مرض السّكري".



أساليب جديدة


وتابعت الدكتورة بوراتين تعليقها بالقول: "ستعود هذه المبادئ التوجيهية بالنفع والفائدة على مرضى السّكري أيضاً، حيث ستتيح لهم إمكانية الوصول إلى المعلومات المتوافرة حول المرض وأفضل الطرق المعتمدة للتشخيص، بالإضافة إلى التعرّف على أساليب جديدة تهدف إلى مساعدتهم على التعامل مع السّكري سواءً كان ذلك على مستوى التغذية أو الأدوية أو العوامل الأخرى المرتبطة بعلاج هذا المرض. وبالتالي، تمثّل هذه المعايير خطوة هامة على صعيد الارتقاء بنوعية حياة مرضى السّكري في الوقت الراهن وعلى المدى البعيد".
وأشارت الدكتورة بوراتين إلى أنّ هذه المبادئ التوجيهية الجديدة تتضمّن مجموعة من التوصيات حول طرق تصنيف وتشخيص داء السّكري. كما أنها تتناول مشكلة السّمنة التي تعدّ إحدى أبرز العوامل التي تزيد من احتمال الإصابة بالسّكري، حيث تُوضّح كيفية معالجة هذه المشكلة الصحّية سواءً عبر إدخال بعض التعديلات على نمط الحياة أو باستخدام الأدوية أو عبر التدخل الجراحي.
وبالإضافة إلى ذلك، تتضمن معايير الرعاية الطبية لداء السّكري لعام 2016 مجموعة من المبادئ التوجيهية التي تركّز على أهمية توفير علاج يلبي الاحتياجات الخاصة بكل مريض على حدى، وذلك بهدف تحسين مستوى خدمات الرعاية المُقدّمة للأفراد المعرضين لخطر الإصابة بهذا المرض عبر اتباع نهج متكامل يراعي الاختلافات العرقية والثقافية والجنسية والاجتماعية والاقتصادية بينهم، وخاصة أنّ إدارة مرض السّكري تتطلب اعتماد نهج يتمحور حول المريض وتلبية احتياجاته الشخصية مع مراعاة عدّة عوامل تشمل خلفيته الاجتماعية والاقتصادية والتأثيرات الثقافية عليه والتاريخ العائلي الخاص به.



الإدارة الذاتية


وأضافت الدكتورة بوراتين: "تمّ إدراج توصيات جديدة حول الإدارة الذاتية للسّكري وطرق تثقيف المرضى وتقديم الدعم والمساندة لهم، بالإضافة إلى الوسائل المتاحة لعلاج صغار السّن من المرضى المصابين بداء السكري من النوع الثاني. وتمّ وضع إطار محدد لعلاج الحالات الأخرى التي يعاني فيها المرضى من المضاعفات الخطيرة للسكري، والتي تشمل الإصابة بأمراض القلب والكلى والعيون. وهناك أيضاً مبادئ توجيهية لمساعدة المريضات اللاتي يعانين من الإصابة بالسّكري قبل الحمل وأثناءه، وتوعيتهن حول كيفية إدارة المرض والسيطرة على أعراضه خلال فترة الحمل".
وقامت الجمعية الأمريكية للسّكري أيضاً بتحديث التوصيات المتعلقة بعلاج أمراض القلب الناجمة عن انسداد الشرايين، حيث شمل ذلك اعتماد العلاج بالأسبرين للنساء اللاتي بلغن سنّ الـ 50 وما فوق، ولكافة المرضى الذين هم دون سنّ الـ 50 من العمر وذلك في حال كان لديهم عامل واحد على الأقل من عوامل الخطر الرئيسية، والتي تشمل وجود سوابق عائلية للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية المبكرة وارتفاع ضغط الدم والتدخين وغيرها من العوامل الأخرى.



دور التقنيات الحديثة


كما تمّ التأكيد على الدور الهام الذي تلعبه التقنيات الحديثة في مجال إدارة السّكري. وتنص التوصيات الجديدة على أنّ استخدام جهاز مراقبة جلوكوز الدّم (CGM) جنباً إلى جنب مع العلاج المكثف بالأنسولين يمثّل أحد الأساليب الفعّالة لخفض مستويات السّكر في الدم لدى البالغين المصابين بداء السّكري من النوع الأول. وينبغي إتاحة الفرصة أمام المرضى الذين أثمر استخدامهم لجهاز مراقبة جلوكوز الدّم ومضخات الأنسولين عن نتائج إيجابية لمواصلة استخدام هذه الأجهزة حتى بعد بلوغهم سنّ الـ 65 من العمر.
كما تشير المبادئ التوجيهية إلى أنه ينبغي على الأشخاص المعرضين لخطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني النظر في خيار استخدام التقنيات الجديدة كشبكات التواصل الاجتماعي على الإنترنت والتعلّم عن بعد وتطبيقات الأجهزة المحمولة لإدخال بعض التعديلات الضرورية على سلوكياتهم ونمط حياتهم للوقاية من الإصابة بداء السّكري.



تحسين نوعية العلاج


واختتمت الدكتورة بوراتين تعليقها بالقول: "ستلعب هذه المبادئ التوجيهية والتوصيات دوراً فعّالاً في تحسين طرق تعامل الأطباء مع مرضاهم، وذلك ابتداءً من مرحلة تثقيف المرضى وتوعيتهم حول السّكري ووصولاً إلى مرحلة تشخيص المرض وعلاجه. كما أنها ستعود بالنفع والفائدة على مرضى السّكري أيضاً، حيث ستساهم في تحسين نوعية العلاج المُقدّم لهم، وذلك نظراً لمراعاتها عوامل معيّنة تشمل التاريخ العائلي للمرضى وأصولهم العرقية وخلفياتهم الاجتماعية والثقافية وغيرها من العوامل الأخرى، وهو ما يجعل العلاج أكثر تركيزاً وملاءمة للمرضى. ولقد تمّت صياغة هذه المعايير بناءً على مجموعة من الأبحاث والاكتشافات الجديدة، وتعتبر أكثر الأساليب كفاءة وفعاليّة في مجال إدارة مرض السكري ومضاعفاته."


google-banner
foochia-logo