بعد وفاة طفل عمره 5 سنوات وإصابة أكثر من 700 شخص بتسمم غذائي إثر تناولهم وجبة "شاورما" في الأردن، وذلك بعد اكتشاف نوع من البكتيريا في المايونيز ومواد غذائية أخرى، نتيجة ارتفاع درجات الحرارة، كان لا بد من طرح التساؤل: متى يمكن للمايونيز أن يصبح سامّا؟.
عن هذا التساؤل، بدأت أخصائية التغذية فوزية جراد بالحديث عن أن التسمم الغذائي يحدث بعد تناول الأشخاص غذاءً غير صحي، يُصابون خلالها باضطرابات معدية، وعادة تظهر الأعراض خلال ساعتين إلى 72 ساعة أو أكثر بعد تناول الطعام.
وتزيد معدلات الإصابة بالتسمم الغذائي والالتهاب المعوي خلال فصل الصيف نتيجة تناول طعام ملوث أو تم إعداده في ظروف غير صحية.
وعندما يتعلق الموضوع بالتسمم الغذائي من المايونيز تحديدا، فذلك لأن سمعته هي الأسوأ من بين الأطعمة الأخرى؛ إذ إن تناوله ليس هو السبب في الإصابة بالتسمم الغذائي إنما المذنب الحقيقي في ذلك هو البكتيريا، التي تنمو بشكل جيد جدا في الأطعمة التي تحتوي على البروتين، وفي درجات حرارة تتراوح ما بين 4 – 60 درجة مئوية.
ووفق جراد، تتطور البكتيريا في مجال الخطر بين درجات حرارة مرتفعة جدا. فعندما يكون الطقس حارا، ويتناول الأشخاص الطعام في الخارج، فإنه من الصعب الحفاظ على درجة حرارة الطعام، تحت 4 درجات مئوية؛ إذ إن اللحوم النيّئة، يُفضل وضعها في حقيبة تبريد منفصلة عن باقي الأطعمة، وذلك لمنع انتقال البكتيريا بين أنواع الأطعمة المختلفة.
أخطاء التعامل مع المايونيز
ما تشير إليه جراد هو أن أغلب الطهاة لا يعتبرون أن وضع زجاجة المايونيز في الثلاجة ضرورة ملحة، فيضعه البعض منهم في خزانة المطبخ أو على الطاولة، وهذا ما ينطبق أيضا على الكاتشاب والصلصة الحارة، والحقيقة أن مثل هذه الصلصات تحتاج للحفظ في درجة حرارة منخفضة كدرجة حرارة المبرد أو الثلاجة، وتعتبر درجة حرارة الغرفة حتى وإن تم تشغيل التكييف غير كافية لحفظها على الإطلاق، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى، يعتمد المايونيز في صنعه على البيض الذي يتعرض لتكاثر البكتيريا بداخله بسرعة في درجات الحرارة المرتفعة وفي درجة حرارة الغرفة العادية، ومن ثم فإن العديد ممن يتعرضون للتسمم الغذائي في فصل الصيف يكون بسبب السندويشات أو السلطات المحتوية على المايونيز الملوث بالبكتيريا نتيجة لعدم حفظه في الثلاجة، وذلك من شأنه العمل على سهولة التكاثر بداخلها بفعل الأجواء الحارة والرطبة.
بالإضافة إلى ذلك، يتميز الطعام الفاسد برائحته ومظهره، ولكن معظم الوقت يكون هذا الأمر غير صحيح، ولكن ليس دائما؛ لأن البكتيريا غير مرئية، ومن ثم ليس من الممكن معرفة ما إذا كانت موجودة؛ ولكن في حال تم تسخين المايونيز مثلاً وتركه في حرارة الغرفة لأكثر من ساعة، خصوصا في يوم حار، قد تتكاثر البكتيريا داخله وتجعل منه مصدرا للتسمم، والأمر نفسه ينطبق على المايونيز البارد من دون خضوعه للتسخين، ما يعني أن الخطر ومعايير السلامة هي نفسها في الحالتين.
وعن تلك الجزئية، وفي الأيام الحارة، ينبغي تجنب تناول المايونيز المحضر؛ لأنه قد يكون بيئة كاملة متكاملة للبكتيريا التي بثت سمومها فيها؛ إذ إن الجراثيم جزء من بيئة الإنسان وعليه أن يعرف ماذا ومن أين يأكل، وفق جراد.
عوامل أخرى تؤدي إلى التسمم
هناك عوامل عديدة وراء إصابة الأشخاص بالتسمم، منها بحسب الأخصائية جراد، ترك الطعام لفترة طويلة في جو الغرفة قبل تناوله، أو عدم طهيه جيدا، وكذلك تجميد اللحوم أو إذابة المجمد منها بطريقة غير صحيحة، والطعام الملوث بالجراثيم والماء الملوث بالميكروبات وتناول الأطعمة المكشوفة، وتناول الخضراوات أو الفواكه دون غسلها، وأيضا تناول الأطعمة المعلبة الفاسدة، وانتقال الميكروبات للطعام من شخص مصاب بأمراض معدية، خاصة العاملين في إعداد الطعام.
وما تنصح به الأخصائية هو ضرورة الوعي بالممارسات الصحية التي تقي من الأمراض المنقولة عن طريق الغذاء لتجنب الإصابة بأمراض التسمم الغذائي، وعدم ترك الأغذية المطهوّة لمدة طويلة في درجة حرارة الغرفة لتقليل تكاثر الميكروبات، وغسل الفاكهة والخضراوات جيدا، خاصة الورقية منها، والتي يُفترض أن تُغسل وتُنقع في الماء والخل لقتل الجراثيم التي يصعب إزالتها، إلى جانب الطهي الجيد للأغذية واستخدام المياه الصالحة للشرب والمواد الخام الجيدة.