بعدما عُرف لسنوات طويلة موسيقيا بارزا، حاملا عوده ومتجولا بين البلاد العربية، مؤسسا بيوتا للعود العربي، ومؤهلا لمئات الطلاب العازفين، يرسل الموسيقار العراقي نصير شمة رسالته الفنية هذه المرة من خلال الألوان، بعد أن أنجز أكثر من ستين عملا فنيا تشكيليا، سيعرضها في معرضه الأول "رؤية وحياة: أربعون عاما من الألوان"، الذي يقيمه في غاليري الاتحاد في عاصمة الفنون وملتقى الثقافات أبو ظبي، خلال الفترة ما بين 11 فبراير/شباط الحالي، وحتى الثامن من مارس/ آذار المقبل.
ويتضمن المعرض مجموعة متنوعة من الأعمال الفنية ذات الطبقات المتراكبة والسطوح الغنية والكثيفة، وإن كانت تتعدد في استخدامها الخامات الفنية في العمل الواحد، في ما يشبه محاولة لتفكيك العمل الفني إلى أجزاء ذات علاقات بنيوية أسلوبية، وهو صاحب رسالة الدكتوراه المعنونة "الأسلوبية موسيقيا".
وقال شمة في تصريحات صحافية حول المعرض، إنّ اشتغاله على اللوحات بهذه الطريقة دون سواها، يعود إلى مجموعة من العوامل الدافعة لهذا الاشتغال، وأولها اهتمامه بالإنسان الذي يعاني المجاعات والحروب والكوارث الطبيعية في جدلية الوفرة والندرة، لدوره الإنساني كفنان أولا، وكسفير اليونسكو للسلام، والسفير فوق العادة للموسيقى العربية.
أما ثاني دوافعه فيتمثل في وفائه وولائه للمكان الذي احتضنه وقدّم له الكثير خلال مسيرته الفنية ودوره كمدير لبيت العود العربي في أبوظبي، المكان الذي شهد إنجاز أغلب أعماله التي يتضمنها المعرض، مع ما يعنيه ذلك من علاقةٍ حميمةٍ بالعود، صناعةً وعزفا ودراسة، وكيف تؤدي الموسيقى والفنون بشكل عام، إلى تهذيب الطاقات، فضلا عن قدرتها على تحويل الطاقة السلبية إلى طاقة إيجابية.
بينما يتمثل دافعه الثالث والأبرز في علاقة الخامات المستخدمة في الأعمال الفنية والتي يأتي أغلبها من صناعة آلات العود ومخلفاتها في بيت العود بأبوظبي، حيث يستخدم نصير المخلفات لإعادة إحياء واستخدام مادة الخشب الطبيعي التي يمكن أن تحمل دلالات رمزية عالية للشجر والطبيعة الأم، ومسؤولية الفنان قبل أي إنسان آخر، في ترسيخ مفاهيم الاستدامة والحفاظ على الطبيعة والارتقاء بالوعي البيئي.