"في تلك الحياة المطلقة حيث أحيا، تبدو الأشياء تامة ومتكاملة، غير أن الحياة ما زالت تتغير"، عبارة تتردد كالصدى بهدوء وانسيابية بين جنبات الكتاب الذي جاء في ستة عشر فصلاً، تشرح فيهم مدربة الحياة والكاتبة الأميركية لويز تجربتها العلاجية الخاصة التي يتردد صداها اليوم بين أوساط كثيرة.
وأصبح مفهوم "حب الذات" كأسلوب للتشافي نهجاً يتبعه عالمنا اليوم، ويمكن وصفه بأنه أشبه بانقلاب مسالم استطاعت الكاتبة والمتحدثة التحفيزية أن ترفع رايته لتعلن عصراً جديداً في العلاقة مع الذات أولاً، ومع العالم من حولنا ثانياً.
التدرج بين فصول الكتاب ينطلق برحلته من المعتقدات، لينتقل بخفة في رحلة التغيير وكأنه يمسك بيدك ويصطحبك في هذه الرحلة المريحة والهادئة خطوة بخطوة – على طريقة لويز تجد نفسك تفكك تشابكات أفكارك ومشاعرك وتأثيرها على مجمل علاقاتك، بينما تذكرك بين فكرة وأخرى بالحب – هذا الاكتشاف العظيم الذي يحررك من الكثير من المشاعر السلبية التي لم تكن تراها ربما، تلك التي كانت تسقط ظلالها على حياتك وعلى علاقاتك، لتكتشف أنها تقف خلف آلامك وأمراضك وإخفاقاتك وكل ما كنت تسميه بسوء الحظ أو قلة الحيلة.
وقد يعتقد البعض أن في الأمر شيئاً من المبالغة، لكن الإبحار على طريقة لويز يجعل الأمر مقنعاً وقابلاً للتصديق، خاصة وأنت تتلمس حالة السلام والتعافي تنتشر بداخلك بينما تقرأ تلك السطور المكتوبة بأناقة وبساطة دون تبرج - لتكون متاحة الفهم للجميع، إلا أنها على بساطتها ممتنعة وتحتاج إلى التروي وإلى الكثير من التركيز والعمق، فالرحلة ليست في خيال كاتب آخر، إنها رحلة بداخلك أنت، تبدو أشبه بارتداء نظارات مبتكرة لتجعلك ترى حياتك بشكل مختلف.
تختتم لويز رحلة فصولها التي تتنقل فيها بين أشكال الشفاء المختلفة باستعراض قائمة لجميع الآلام والأمراض التي تصيب الجسد، لتبين حقيقة هذه الأمراض وأسبابها، حيث تربط بين كل ألم جسدي بمشكلة نفسية أو عاطفية لم يتم التعامل معها، فالألم على طريقة لويز رسالة تحذيرية تخبرنا عما يجول بداخلنا، ولأننا كلٌ مترابط علينا أن نصغي جيداً لما تقوله آلامنا فنشفي النفس والمشاعر ليشفى الجسد.