في روايته الأخيرة "رفيف الفراشة"، يقدم الكاتب العراقي المقيم في بروكسل، زهير كريم، تجربة سردية غير تقليدية تخلخل مفاهيم الزمن.
من خلال مزج الماضي بالحاضر والأحداث بالشخصيات بشكل معقد، يطرح كريم بناءً روائيًّا يتجاوز الأساليب المعتادة. وفي هذه الرواية، يظهر الكاتب بنفسه داخل العمل كشخصية فاعلة تؤثر في تطور الأحداث، عوضا عن أن يكون مجرد راوٍ محايد.
تبدأ أحداث الرواية في طرابلس الليبية، حيث يكتشف "زهير" حقيبة قديمة تحتوي على أوراق تعود إلى شاب يُدعى "كامل".
هذه الأوراق تتضمن مذكرات شخصية تحكي عن حلمه الكبير في بناء منزل خاص به، وهو حلم يتزامن مع قصة حب تجمعه بـ"حنان". ولكن، سرعان ما تنقلب حياته رأسًا على عقب بعد تورطه في توزيع منشورات سياسية تتسبب في تعطيل مستقبله وتدمير أحلامه.
بينما يتفاعل "كامل" مع ظروفه المعيشية المعقدة، تتشابك حياته مع حياة "حنان"، ليكتشف أن العلاقة بينهما تظل غير مكتملة، رغم مرور عقدين من الزمن.
وفي سياق الرواية، يظهر كل من "كامل" و"حنان" في مشاهد متتابعة من السرد، حيث يتحولان إلى أصوات متوازية تنقل القارئ عبر مسارات نفسية وفكرية مثيرة.
تعكس الرواية رحلة "كامل" في مواجهة الذات والواقع، وهو صراع داخلي ينكشف تدريجيًّا من خلال تأملاته في الحياة والموسيقى والذاكرة.
ففي إحدى اللحظات المؤثرة، يتأمل "كامل" في أجواء الاحتفالات التي تقام في الجوار، حيث يجد في الموسيقى الهندية تعبيرًا عن النسيان والاحتفال باللحظة، مغايرًا للموسيقى العربية التي ترافق الذكريات الحزينة.
تتخذ "رفيف الفراشة" من التناقضات الإنسانية منطلقًا لبناء عالمها الروائي، حيث تتصادم الأحلام بالواقع المأساوي.
الكتابة هنا تلامس الوجدان، وتتحدى القارئ للتأمل في عمق التجربة البشرية، ما يجعلها رواية غنية بالمعاني والتفاصيل التي تثير الفكر والخيال.