في عالم يتزايد فيه الابتكار التكنولوجي، لا تزال الحيل والاحتيالات تتطور بوتيرة متسارعة؛ ما يدفع الشركات لإيجاد حلول مبتكرة لحماية عملائها. ومن أبرز الأمثلة الحديثة على هذه الجهود؛ ما قدمته شركة الاتصالات البريطانية O2 من خلال "الجدة الذكية" ديزي، التي تمثل نموذجًا فريدًا لجمع الذكاء الاصطناعي مع الطابع الإنساني لمواجهة المحتالين.
على السطح، تبدو ديزي كأنها جدة تقليدية تعيش حياة بسيطة، تعشق الحياكة والتحدث عن عائلتها وقطتها المفضلة "فلَفي". لكن خلف هذا القناع، تخبئ ديزي ذكاءً اصطناعيًا متقدمًا يجعلها قادرة على التحدث مع المحتالين وإضاعة وقتهم، بهدف تقليل فرصهم في الإضرار بالعملاء الحقيقيين.
وفقًا لشركة O2، تم تصميم ديزي لتكون قادرة على الرد على المكالمات من المحتالين في الوقت الفعلي؛ ما يبقيهم مشغولين بعيدًا عن الضحايا. وقد صُممت هذه التقنية باستخدام محتوى خاص بخبراء مكافحة الاحتيال؛ ما يجعل ديزي غير قابلة للتمييز عن الشخص الحقيقي.
تعتمد ديزي على تكنولوجيا متطورة تجمع بين تقنيات الذكاء الاصطناعي المتعددة:
تبدأ العملية بتحليل صوت المتصل وتحويله إلى نص.
يتم توليد الردود عبر نموذج لغوي مصمم خصيصًا لهذه المهمة؛ ما يمنحها شخصية فريدة ومتناسقة.
يُحوَّل النص مرة أخرى إلى صوت باستخدام تقنية متقدمة لتبدو كأنها محادثة طبيعية تُجرى في الوقت الحقيقي.
الأمر المميز أن ديزي لا تعترض المكالمات، بل لديها أرقام خاصة تم نشرها عبر الإنترنت لتجذب المحتالين بشكل مباشر.
بينما تُعتبر ديزي حلًا مبتكرًا لحماية العملاء، يثير تطور الذكاء الاصطناعي تساؤلات حول استخدامات أخرى لهذه التكنولوجيا. على سبيل المثال، أعلنت شركة Nvidia عن نموذج جديد يُسمى Fugatto، يتيح للمستخدمين إنشاء موسيقى، أصوات، وحتى محاكاة أصوات بشرية بدرجات تعبير مختلفة.
هذا الابتكار، رغم فوائده للمبدعين في السينما والموسيقى، قد يفتح المجال أيضًا أمام المحتالين لتزييف الأصوات واستخدامها في عمليات احتيال أكثر تعقيدًا. وهنا تأتي أهمية مشاريع مثل ديزي، التي تستخدم نفس التكنولوجيا لمحاربة هذه الأخطار.
شركة O2 عبر مشروعها ديزي أثبتت أن الإبداع في التكنولوجيا يمكن أن يُستخدم لحماية المجتمع، لكنها أيضًا تدعو الجميع للتفكير بعمق حول تأثيرات هذه التقنيات على المدى الطويل.