في واقعة مثيرة للجدل والاهتمام، عُثر في إحدى مكتبات المتاحف البريطانية على كتاب مُجلّد بجلد بشري، يُعتقد أنه يعود لقاتل سيّئ السمعة من القرن التاسع عشر، ويُعرض، الآن، ضمن مقتنيات متحف "مويز هول" في سوفولك، إلى جانب قطعة مشابهة تعود للقضية نفسها.
الكتاب يُعتقد أنه جُلد بجلد ويليام كوردر، الذي أُدين بقتل ماريا مارتن في واحدة من أشهر الجرائم البريطانية، المعروفة باسم "جريمة الحظيرة الحمراء" العام 1827.
وتروي الروايات أن كوردر دعا مارتن إلى الحظيرة لادعائه رغبته في الهرب والزواج بها، لكنه أطلق النار عليها ودفنها هناك، قبل أن يُقبض عليه ويُعدم، في 11 أغسطس/آب من نفس العام، وفق هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".
النسخة الأولى من الكتاب، التي تروي تفاصيل المحاكمة، كانت معروضة في المتحف منذ العام 1933.
أما الاكتشاف الجديد فتم عن طريق الصدفة، أثناء مراجعة أمناء المتحف للكتالوغ، حيث عُثر على نسخة ثانية أهملها الزمن، كانت موضوعة على أحد رفوف مكتبة المتحف بجانب كتب أخرى مغلفة بمواد تقليدية. وقد تبرعت بها عائلة تربطها صلة بالجراح الذي شرح جثة كوردر.
دان كلارك، مدير التراث في المتحف، وصف الكتابين بأن لهما "قيمة تاريخية كبيرة"، مؤكداً أنه لا يرى مشكلة في عرضهما.
أما الكاتب تيري ديري، صاحب سلسلة "تاريخ مروع"، فقد وصف الأمر بأنه "مقزز"، وقال صراحة: لو كان الأمر بيدي، لحَرقتُ هذين الكتابين.
خلال القرن التاسع عشر، لم يكن استخدام جلد الإنسان في تجليد الكتب نادراً، بل كان يُمارس أحياناً كعقوبة رمزية للمُدانين بالإعدام، أو يُستخدم من قبل الأطباء كتذكارات مروّعة.
وعلى عكس الغلاف الكامل في النسخة الأولى، فإن الجلد في الكتاب الثاني يغطي فقط الغلاف والزوايا.
في مارس/آذار 2024، قامت جامعة هارفارد بإزالة غلاف جلدي بشري عن أحد كتبها لأسباب أخلاقية تتعلق بأصل المادة.
ولكن مسؤولي متحف "مويس هول" أكدوا أنهم لن يُقدموا على خطوة مماثلة، مشيرين إلى أن المتاحف في بريطانيا تحتفظ بأجزاء بشرية كثيرة، وغالباً ما لا تُثير نفس الجدل.
رغم مرور قرنين على الجريمة، لا تزال قصة ويليام كوردر تُثير جدلاً، ليس فقط بسبب ما فعله، بل بالطريقة التي تحوّل بها جسده بعد الإعدام إلى وثيقة مادّية لرواية ما حدث.
وبين من يراها إرثاً تاريخياً مهماً ومن يعتبرها انتهاكاً إنسانياً، يبقى السؤال مفتوحاً: إلى أي مدى يمكن أن يمتزج التوثيق بالتجاوز الأخلاقي؟