في ظل ضغوط الحياة العصرية المتزايدة، يعاني العديد من الأشخاص من اضطرابات نفسية شديدة، ما جعل بعض الدول تعتمد طرقًا غير تقليدية للتعامل مع الاكتئاب.
واحدة من هذه الطرق المثيرة للجدل هي "العلاج بتجربة الموت"، الذي يهدف إلى مساعدة الأفراد في استعادة شهيتهم للحياة من خلال اختبار شعور مؤقت بالموت.
تشير الإحصاءات إلى أن أكثر من 264 مليون شخص في العالم يعانون الاكتئاب، في حين أن الأرقام الحقيقية قد تكون أكبر بكثير.
وفي مواجهة هذا الواقع، أصبحت العلاجات التقليدية مثل زيارة الطبيب النفسي وتعاطي الأدوية أكثر شيوعًا. ومع ذلك، بدأ البعض يبحث عن طرق غير تقليدية لمواجهة حدة الاكتئاب، ومن بينها الاقتراب من الموت كوسيلة لتجديد الشعور بالحياة.
في كوريا الجنوبية، حيث يعاني الكثير من الأشخاص في سن العمل من ضغط شديد وإجهاد مفرط، انتشرت ظاهرة العلاج بالجنازات الوهمية.
هذا النوع من العلاج بدأ في الظهور في بداية العقد الأول من الألفية الجديدة كطريقة لمكافحة الاكتئاب وحالات الانتحار المرتفعة في البلاد.
وتتم العملية عن طريق تنظيم "تجربة جنازة" في شركتين مختلفتين، حيث يبدأ المشاركون بتوثيق لحظات حياتهم الأخيرة عبر صور وفيديوهات، ثم يخضعون لطقوس جنائزية تمثيلية تتضمن ارتداء ملابس الجنازة، كتابة رسائل وداع، والاستلقاء في التوابيت لعدة دقائق.
الهدف من هذه التجربة هو أن يتعرف الأفراد على مدى قيمة حياتهم بعد "التواصل" مع الموت، إذ يُعتقد أن تجربة الموت الوهمية تعيد لهم نشاطهم وحيويتهم، وتخفف الاكتئاب الذي يعانون منه. يقول العديد من المشاركين بعد التجربة أنهم يشعرون بانتعاش وتحسن في معنوياتهم، حتى أن بعض الشركات الكبرى بدأت ترسل موظفيها إلى هذه التجارب لتحسين معنوياتهم داخل بيئة العمل.
لم تقتصر هذه التجارب على كوريا الجنوبية فقط؛ بل انتشرت إلى دول أخرى مثل هولندا والصين، حيث يُستخدم الواقع الافتراضي لمحاكاة تجربة الموت في مقبرة "باباوشان" في بكين، على الرغم من ذلك، يبقى الجدل قائمًا حول فعالية هذا النوع من العلاج على المدى الطويل.
على الرغم من أن بعض المشاركين يصرحون بأن هذه التجربة قد ساعدتهم على الشعور بحياة جديدة، إلا أن بعض الخبراء مثل الطبيبة النفسية ناتاليا شيمشوك يعارضون هذه الطريقة.
شيمشوك تشير إلى أن هذا العلاج قد يحقق شعورًا مؤقتًا بالسعادة، ولكن من غير المرجح أن يكون له تأثير دائم.
فبعد أن يخرج الفرد من "القبر الوهمي"، سرعان ما سيواجه ضغوط الحياة اليومية من جديد، مما يعيد له مشاعر الاكتئاب.
الروائي الروسي ليو تولستوي كان قد اقترح علاجًا أبسط وأكثر فعالية لمشكلة الاكتئاب، حيث قال: يجب أن يكون الشخص سعيدًا. إذا لم يكن سعيدًا، فهو المسؤول. وهو ملزم بالاعتناء بنفسه حتى يزيل هذا الإزعاج أو سوء الفهم.